كان والد “رحاب” يعمل في وكالة رحلات، وكانت مهمته ترتيب سفريات الراغبين في السفر، مما جعله دائم التنقل. ونتيجة لذلك، كانت رحاب تشتاق إليه كثيرًا لأنه لا يمكث في البيت إلا وقتًا قصيرًا. ذات يوم، خطرت لرحاب فكرة مميزة، وقالت في نفسها: “سأرسم له رسمًا خاصًا جدًا”. كانت رحاب تتمتع ببراعة فائقة في الرسم والتلوين، وكان والدها يشعر بفخر كبير بها، ودائمًا ما كان يعرض رسوماتها على أصدقائه، الأمر الذي زاد من فخر رحاب وحفزها على التقدم في الرسم أكثر فأكثر. وفي أحد الأيام، كان والدها غائبًا عن المنزل كعادته.
محاولات رحاب الفاشلة ولجوئها للخداع
أخذت رحاب صفحة من ورق الرسم وبدأت ترسم. رسمت في البداية صورة حصان، لكنها لم تجدها جذابة بما فيه الكفاية. ثم رسمت دمية دب، وكانت أفضل من الحصان، لكنها لم تكن راضية عنها أيضًا. بعد ذلك، لجأت رحاب إلى كتاب الرسوم الذي استعارته من مكتبة المدرسة، وبدأت تقلب صفحاته حتى وجدت صورة أرنب. شعرت رحاب أن هذه الصورة هي الأفضل بين جميع الصور التي رأتها، فقد بدا الأرنب واقعيًا للغاية. وقالت في نفسها: “كم أتمنى لو أنني أرسم مثل هذا!”.
فجأة، خطرت لرحاب فكرة. وضعت ورقة شفافة على صورة الأرنب بحرص شديد، وتمكنت من رؤية الصورة من تحتها. قلدت رحاب الصورة على الورق الشفاف وقالت في نفسها: “سأخبر أبي أنني رسمته بنفسي، ولن أعرض عليه الكتاب ولن يعرف الحقيقة أبدًا”. قامت رحاب بتلوين رسم الأرنب بأقلام التلوين، مستخدمة نفس الألوان الموجودة في كتاب الصور الخاص بالمكتبة. وبعد بضعة أيام، عاد والد رحاب إلى المنزل، وكان معه أحد زملائه. قبلها والدها على خديها، وعرضت رحاب عليه الرسم. نظر والد رحاب إلى الرسم وأعجبه كثيرًا، وقال لها: “هذا رائع. أنت ماهرة جدًا يا بنيتي”. أمسك والد رحاب بالرسم وعرضه على زميله أيضًا، وقال له: “أليست ابنتي فنانة مبدعة؟ هذا أفضل ما رسمته على الإطلاق، لابد أن أضعه في إطار وأعلقه على الحائط في غرفة المعيشة”.
شعور رحاب بالخجل واعترافها لأمها
شعرت رحاب بحرج شديد. ذهبت إلى غرفتها بعد مغادرة زميل والدها، ونظرت إلى صورة الأرنب في كتاب مكتبة المدرسة، ولم تكن مسرورة بما فعلت؛ فقد خدعت والدها، وفكرت قائلة: “ما كان علي أن أكذب على أبي”. قررت رحاب أن ترسم صورة أخرى من أجل والدها، وقالت في نفسها: “لابد أن أخبر أبي بكل شيء”. وفي أثناء ذلك، دخلت والدة رحاب إلى غرفتها، وقالت لها: “لماذا يبدو عليك الحزن؟ ما المشكلة؟”، فأخبرت رحاب أمها بكل شيء عن الرسم، وعرضت عليها صورة الأرنب المرسومة في كتاب الصور.
نصيحة الأم وتقدير الأب للأمانة
وقالت رحاب لأمها: “لقد سُر والدي بي، ولا أستحق تقديره لي. إنني أكره نفسي لأنني كذبت عليه”. ظلت والدة رحاب صامتة لوقت قليل، ثم قالت: “ابنتي العزيزة: أنت تشعرين بالاستياء لأنك قمت بالغش، ولم يكن هناك داع لأن تغشي أباك؛ فقد كان دائمًا يحسن الظن بك”. ولم ترد رحاب بأي شيء. وواصلت أمها قائلة: “والآن استمعي إلي. ارسمي بنفسك رسمًا آخر، ولا شك أن والدك سيفخر بك، ولا تنسي إخباره بالحقيقة”. فقالت رحاب: “حسنًا، سأفعل هذا”، وأخذت ترسم رسمًا آخر، وانتهت منه خلال ساعة. وفي الصباح التالي، أخبرت والدها بكل شيء، وقدر والدها أمانتها.
الحكمة
لا يحمل الغش شعورًا طيبًا لديك. وخداع الآخرين يجعلك تشعر بعدم الارتياح؛ فهو يجعلك تكره نفسك.