قصة صراع الوحوش

في عالم من الحكايات المشوقة للأطفال، تتناول قصتنا اليوم صراع الوحوش والتحديات التي يواجهها الإنسان أمامها، في هذه القصة، يستكشف الشاب سامي وحيد القرن الغامض والذي يمتلك قرونًا هائلة. ويتعلم كيف يتعامل مع الصراعات ويستفيد من ذكائه للتغلب على التحديات. إن هذه القصة المثيرة للاهتمام تقدم للأطفال درسًا حول قوة العقل والتحديات التي يمكن تجاوزها بالإبداع والذكاء.

وحوش ما قبل التاريخ

رأى سامي في إحدى المجلات صورة حيوان غريب، هائل الجسم، له زعانف فوق ظهره تشبه زعانف السمكة، ولكنها أكبر منها حجمًا، ونظراته مخيفة.. وله مخالب حادة كأنها الخناجر.

واقترب سامي من والده وسأله:

– ما اسم هذا الحيوان يا والدي؟

وتأمل والد سامي الصورة ثم قال له:

– اسمه الديناصور.

وسأله سامي:

– وأين يوجد هذا الحيوان المخيف؟

قال الأب:

– إن هذه الحيوانات لا توجد الآن.. كانت موجودة في العصور القديمة التي يسمونها عصور ما قبل التاريخ.. وبعد ذلك انقرضت.

مجموعة من البشر تحارب ديناصور

وسأل سامي أباه:

– ما معنى انقرضت يا والدي؟

قال أبوه:

– أي أن عددها صار يقل رويداً رويداً ويموت الكبار منها دون أن تلد وبذلك لم يعد لها وجود على سطح الأرض.

حيوان وحيد القرن

وتأمل سامي صورة أخرى في المجلة لرجلين يهجم عليهما حيوان مخيف وسأل والده.

– وما اسم هذا الحيوان؟

قال أبوه:

– إنه يشبه الحيوان الذي نسميه الآن بوحيد القرن ويطلقون عليه بالعامية اسم (الخرتيت) وبعضهم يسمونه الكركدن. ولكن وحيد القرن أصغر حجماً من هذا الحيوان الذي تراه في الصورة.

وسأل سامي:

– وهل وحيد القرن يأكل الإنسان؟

قال أبوه:

– كلا.. إن وحيد القرن لا يأكل اللحم أبدًا.. إنه يعيش على أكل الحشائش.. مثله في ذلك مثل الفيل وفرس النهر.

مجموعة من البشر في صراع الوحوش

وسأله سامي:

– إذا كان لا يأكل اللحم فلماذا يهاجم هذين الرجلين؟

قال الأب:

– إنه حيوان شرس وعنيف ويهاجم الإنسان إذا ما رآه… وسلاح هذا الوحش قرنه الضخم، فهو يندفع نحو الإنسان في سرعة هائلة ويغرس قرنه فيه فيقضي عليه فورًا.

قال سامي:

– إنه حيوان شرير.. لماذا يقتل الإنسان إذا كان لا يستفاد شيئاً من قتله؟

قال الأب:

– إن كل حيوانات الغابة تخاف الإنسان لأنها تعلم بغريزتها أن الإنسان يؤذيها ويقتلها.. فإما أن تهرب من طريقه وإما أن تبادر هي بمهاجمته قبل أن يهاجمها.

وسأل سامي أباه:

– وهل يأكل الإنسان لحم وحيد القرن؟

قال أبوه:

– كلا لأن لحمه قاس وجلده سميك جداً.. ومذاق لحمه غير طيب.

– ولماذا يقتل الإنسان وحيد القرن ما دام لا يأكل لحمه؟

قال أبوه:

– كثيرون يصطادونه من أجل انتزاع قرنه…

– وماذا يفعلون بهذا القرن؟

– هناك اعتقاد شائع بأنه ترياقًا للسم. ويقولون إن بعض الثعابين تنفث سمومها أحيانًا في الماء لتقتل الأسماك. فإذا ماتت السمكة طفت على سطح الماء فيبتلعها الثعبان.. لذلك تمتنع الحيوانات عن الشرب من ذلك الماء حتى يأتي وحيد القرن ويغمس قرنه في الماء فيبطل مفعول السم ثم يشرب وينصرف.. فتأتي الحيوانات من بعده وتشرب هي الأخرى.

مأساة صيد الحيوانات البرية

وقال سامي:

– إذن هناك فائدة من صيد وحيد القرن.. والإنسان لا يقتله لمجرد القتل.

قال أبوه:

– إن قرنه أيضاً تصنع منه مقابض الخناجر أو بعض التحف الغالية الثمن.. ولكن ذلك كله لا يبرر قتله وإلا انقرض ذلك الحيوان من أجل ذلك حرموا قتله في مناطق عديدة في العالم كما حرموا أيضاً صيد الأفيال وقتلها.

إنسان يصنع سلاح قديم

ولماذا حرموا صيد الأفيال؟

قال أبوه:

– إن الفيل رغم قوته الهائلة لا يبدأ أبداً بمهاجمة الإنسان ويهرب من طريقه.. أما إذا طارده الإنسان فإنه بطبيعة الحال يدافع عن نفسه.. والإنسان يقتل الفيل من أجل الحصول على نابيه.

وسأله سامي:

– وماذا يفعل الإنسان بنابيه؟

قال أبوه:

– ليحصل منهما على العاج. والعاج بلونه الأبيض الجميل وملمسه الناعم ومتانته يباع بثمن غالٍ إذ تصنع منه التحف والتماثيل الصغيرة.. كما تصنع منه أيضاً مقابض الخناجر والسكاكين وبعض أدوات المكتب الفاخرة وبعض الحلي التي تتزين بها النساء.

قال سامي:

– إذن هناك فائدة من صيد الفيل.. فلماذا حرموا صيده؟

قال أبوه:

– إن الفائدة يا سامي لا تتناسب مع الضرر، إذ من غير المعقول أن يقتل حيوان ضخم مثل الفيل لا لشيء سوى الحصول على نابيه.. ثم تترك جثته الضخمة لتتعفن وتنبعث منها الروائح الكريهة، فتفسد جو الغابة وتكون سبباً في انتشار الأمراض.. هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى، فإن أنثى الفيل قليلة الولادة، فهي تلد كل عامين أو ثلاثة أعوام فيلاً واحداً فقط. فإذا أبيح قتل الأفيال لكل هواة الصيد.. انقرضت الأفيال كما انقرض حيوان الديناصور وغيره من الحيوانات الأخرى ولا سيما أن الأسلحة الحديثة التي اخترعها الإنسان يمكنها الآن أن تقضي بسهولة على أقوى الحيوانات ومن مسافات بعيدة دون أن يعرض الإنسان نفسه للخطر، وتوجد أنواع من بنادق الصيد تصيب الحيوان إصابة قاتلة وهو على بُعد مئات الأمتار من الصياد.

صراع الإنسان والوحوش

وأمسك الأب بالمجلة وأشار إلى الصورة المرسومة ثم قال لابنه:

– انظر يا سامي.. في العصور القديمة لم تكن البنادق قد اخترعت بعد.. ولكن عقل الإنسان كان وما زال أعظم سلاح لديه. لقد هداه عقله في العصور القديمة إلى صنع الرماح والحراب، إنه في هذه الصورة يهاجم الديناصور بالحربة… وفي الصورة الثانية يشترك رجلان في مهاجمة وحيد القرن، أحدهما يمسك خنجراً بيده.. والآخر يمسك بيده فأساً.. أما في هذه الصورة فإن أحد الرجلين يستعمل الحربة في صيد سمكة كبيرة… بينما يستعمل الرجل الآخر رمحاً ليصطاد الطيور الكبيرة.

إنسان يصطاد الأسماك والطيور - قصة صراع الوحوش

وسكت والد سامي قليلاً ثم قال:

– وكما قلت لك إن عقل الإنسان هو أقوى سلاح يملكه.. لقد أدرك الإنسان أن الأسد لا يمكنه أن يتسلق الأشجار، فكان إذا أراد أن يرتاح وهو في منطقة تكثر فيها الأسود تسلق إحدى الأشجار ورقد على غصن غليظ منها. فتمر من تحته الأسود وهو مطمئن، لا يبالي بها لعلمه بأنها لن تصل إليه.

إنسان يجلس فوق شجرة بعيداً عن الأسد

وسأل سامي والده:

– هل يمكن لوحيد القرن أن يتسلق الأشجار؟

قال والده:

– كلا ولكن الإنسان يستخدم عقله أيضاً إذا فاجأه وحيد القرن وهو أعزل من السلاح.. إنه يعلم أن وحيد القرن إذا اندفع في عدوه فإنه يندفع في خط مستقيم لا ينحرف يمينًا ولا يسارًا وكل هدفه أن يغرس قرنه الهائل في ضحيته.. لذلك فإن الإنسان في هذه اللحظات الحرجة يجب عليه أن يحكم عقله ويسيطر على أعصابه ويقف ثابتًا في مكانه حتى إذا ما اقترب منه وحيد القرن وهو مندفع في سرعته انحرف فجأة فيظل وحيد القرن في اندفاعه الأعمى وقد يضرب إحدى الأشجار بقرنه فينغرس فيها فينكسر القرن وقد يقتل وحيد القرن. وقد يستعمل الإنسان أيضًا الطريقة التي يسمونها بالفريسة الكاذبة.

الفخاخ الذكية

وسأل سامي أباه:

– وما هي طريقة الفريسة الكاذبة هذه؟

قال الأب:

– كان الإنسان إذا أراد أن يصطاد وحشًا من الوحوش التي تهدد حياته وحياة أسرته يحفر حفرة عميقة في الأرض ثم يغطيها بالقش والأغصان الصغيرة ويربط عند رأس الحفرة غزالًا أو عنزة، فيقترب الوحش من الغزال أو العنزة ليفترسها. فإذا قفز نحوها وضرب بأرجله القش والأغصان الصغيرة، انهارت تحت ثقله فسقط في الحفرة العميقة وبذلك يسهل القضاء عليه.

الإنسان يحلب لبن البقرة - قصة صراع الوحوش

قال سامي:

– إنها فكرة رائعة!

قال أبوه:

– إن الإنسان تمكن دائمًا بواسطة نعمة العقل التي أعطاه الله إياه بأن يسود الحيوانات ويتغلب عليها ويسخر بعضها لخدمته كالجياد والجمال والحمير، وينتفع بلحوم البعض الآخر كالأبقار والأغنام وغيرها.

المصدر
قصة صراع الوحوش - حكايات وأساطير للأولاد - منشورات المكتب العالمي للطباعة والنشر - بيروت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى