في قديم الزمان، كان يعيش في إحدى الجزر الكبيرة ضفدع عملاق يدعى تدالك. كان أضخم ضفدع عرفته الأرض، في حجم جبل، إذا مشى حطم ما يعترض طريقه من بيوت وأشجار. استيقظ تدالك ذات يوم، وهو يحس بعطش شديد لم يشعر بمثله من قبل. فشرب، لكنه لم يرتوِ. ثم شرب كثيرًا، لكنه لم يرتوِ أيضًا، فراح يشرب ويشرب. شرب أولاً البحيرات الصغيرة كلها، ثم شرب البحيرات الكبيرة كلها. ثم شرب السواقي والأنهار. ولم يمض وقت طويل حتى كان تدالك قد شرب المياه العذبة كلها، ولم يبق في الجزيرة إلا مياه البحر المالحة.
لم يكن الفصل فصل أمطار، فأخذت النباتات تموت، وذبلت أوراق الأشجار، وبدت الحيوانات مشرفة على الموت. كان ذلك حقاً وقتاً عصيباً. دعت الحيوانات إلى اجتماع حضره الجميع، وأخذ كل واحد منها يبدي رأيه. قال طير: “ابتلع تدالك مياه الجزيرة كلها. لسوف نموت كلنا قريباً.” فقالت حية: “لا بد أن هناك وسيلة لاسترجاع الماء. لكن تدالك أقوى من أن يرغمه أحد على فعل ما لا يرغب في فعله.”
خطة الحيوانات
تناقشت الحيوانات طويلاً لكنها لم تجد وسيلة نافعة. ثم تقدم دب عجوز حكيم وقال: “أعتقد أني وجدت الحل، علينا أن نضحك تدالك، فلو أنه فتح فمه الواسع لاندلقت المياه خارجة منه.” اعتبرت الحيوانات كلها رأي الدب العجوز مصيباً، فذهبت إلى حيث كان تدالك. كان الضفدع العملاق يجلس وكأنه جبل، وعيناه الواسعتان تحدقان في الشمس. وكان جسده منتفخاً بما شرب من مياه. تجمعت حوله سائر الحيوانات تحاول أن تجعله يضحك.
قال القاوند الضحاك: “أنا أحاول أولاً.” ثم طار وحط قرب رأس الضفدع العملاق، وشرع يروي حكايات مضحكة. كانت الحكايات من الطرافة بحيث إن الطائر نفسه الذي كان يرويها لم يستطع أن يمنع نفسه من الضحك. بل إن الحيوانات الأخرى، رغم قلقها، راحت تضحك وتضحك حتى امتلأت عيونها بالدموع. لكن تدالك لم يتحرك في جلسته، ولم يبدِ على وجهه أي تأثر، وظل فمه الضخم مقفلاً. لقد فشل القاوند الضحاك في حمله على الضحك.
محاولات فاشلة
صاح الكنغر: “أنا سأجرب! تعالي يا نعامة ساعديني.” مشت النعامة الطويلة تهز ريشها. وفجأة قفز الكنغر من فوقها. ثم أخذت النعامة تهز رأسها من جانب إلى جانب، بينما راح الكنغر يقفز إلى الأمام وإلى الوراء من فوق رأسها. وبدا المنظر مضحكاً جداً. لكن تدالك لم يتحرك في جلسته، ولم يبدِ على وجهه أي تأثر، وظل فمه الضخم مقفلاً. لقد فشل الكنغر والنعامة في حمله على الضحك.
صاحت السحلية: “أنا سأجرب، وسأنجح!” وقفت على قائمتيها الخلفيتين وأخذت تتمايل يميناً ويساراً، ثم نفخت معدتها ومدت قائمتيها الأماميتين أمامها دون حراك. وكان منظراً مضحكاً للغاية. لكن تدالك لم يتحرك في جلسته، ولم يبدِ على وجهه أي تأثر، وظل فمه الضخم مقفلاً. لقد فشلت السحلية في حمله على الضحك.
النجاح أخيراً
عندئذ تقدم الأنقليس من الضفدع العملاق. كان الأنقليس يعيش في الأنهار، لكنه جاء ليساعد الحيوانات في محاولة إضحاك تدالك. وقف الأنقليس على طرف ذيله وبدأ يرقص. رقَص ببطء أولاً، وراح يتلوى ويدور مكوناً في حركات جسده أشكالاً غريبة. ثم راح يسرع في تلوِّيه ودورانه ويتفنن في ابتكار أشكال لحركات جسده. أشعت عينا تدالك ببريق الابتهاج. وفجأة انفتح فمه الضخم بضحكة، واندفعت المياه كلها التي كان شربها خارجة وكأنها فيضان هائل ابتل وجه الأرض، وامتلأت البرك والبحيرات والسواقي والأنهار بالمياه. لقد تعشت النباتات وازدهرت أوراق الأشجار، ونجت الجزيرة.