على أطراف إحدى الغابات، عاشت فتاة صغيرة، واسمها ليلى، في صحبة أمها وجدتها. وحين قدم عيد ميلاد الفتاة، أهدت إليها جدتها قناعًا أحمر. ولشدة إعجاب الفتاة بهذا القناع، داومت على ارتدائه حتى عُرفت الفتاة باسم “ذات الرداء الأحمر”.
في أحد الأيام، طلبت الأم من ابنتها أن تزور جدتها المريضة، وتأخذ معها سلة من الكعك كهدية لها. سُرت الفتاة بهذا الطلب وسارعت إلى تنفيذه. ولكن، أوصتها أمها ألا تحيد عن طريق كوخ جدتها، وأن تبتعد عن محادثة الغرباء ومخالطتهم.
أسرعت الفتاة إلى كوخ جدتها في الطرف الآخر من الغابة بفرح وسرور. وبينما كانت تجتاز طريقها، مرت بالعديد من الفراشات الملونة الفاتنة التي سحرت بجمالها الفتاة وجعلتها تسير خلفها مذهولة.
اللقاء مع الذئب
وأثناء ركضها خلف الفراشات الملونة، وصلت إلى جنة غناء مليئة بالأزهار الجميلة، وخاصة النرجس البري. فهتفت الفتاة في نفسها: “يا الله! يا لهذه الأزهار الجميلة! سآخذ بعضًا منها لجدتي الحبيبة، فهي ستُسر بها”.
فجأة، ظهر بجانب الفتاة ذئب خبيث وسألها بلطف: “طفلتي الصغيرة! ماذا تفعلين وحدك هنا؟”. فأجابت الفتاة: “أنا في طريقي إلى جدتي المريضة، حاملة لها سلة من الكعك وبعض أزهار النرجس”. وعندما سمع الذئب جواب الفتاة، خطر له خاطر خبيث.
قال الذئب في نفسه: “هذا صيد ثمين”. ثم سأل الفتاة: “ولكن، أين تعيش جدتكِ المسكينة يا صغيرتي؟”. فأجابت الفتاة: “عند ذلك الكوخ قرب الجدول”. فقال لها الذئب بمكر: “أيتها الفتاة الطيبة! يمكنكِ أن تدخلي مزيدًا من السرور على قلب جدتكِ لو أحضرتِ لها حبات الفراولة اللذيذة، الموجودة في وسط هذه الغابة”.
حيلة الذئب
أعجبت ليلى بفكرة الذئب وتوجهت مباشرة لجمع حبات الفراولة إلى حيث أرشدها الذئب. وهنا، سارع الذئب الخُطا إلى بيت الجدة قائلاً في نفسه: “ها ها، أبعدت الفتاة عن طريقي. عليّ أن أسرع لأنال وجبتي الأولى اللذيذة، قبل أن يسبقني إليها أحد”.
طرق الذئب الباب، فنادت الجدة: “من الطارق؟”. فقال الذئب بصوت ناعم: “أنا ليلى يا جدتي! ذات الرداء الأحمر”. فقالت الجدة: “طفلتي الغالية! أرجوكِ افتحي المزلاج وادخلي، فأنا لا أستطيع فتح الباب”.
دخول الذئب إلى الكوخ
دون تباطؤ، دخل الذئب إلى الكوخ وانقض على الجدة المستلقية على السرير والتهمها دفعة واحدة. ثم ارتدى لباس الجدة وخبأ أذنيه بغطاء رأسها، وتمدد على السرير ينتظر الفتاة المسكينة.
وبعد أن ملأت الفتاة سلتها بحبات الفراولة، تابعت سيرها إلى كوخ جدتها.
الفتاة تقابل الحطابين
وفي الطريق، قابلت ليلى بعض الحطابين، وأخبرتهم عن مشاهدتها للذئب وإرشاده لها إلى مكان الفراولة. تعجبوا من فعلته ومن سلامتها منه. عندما وصلت الفتاة إلى الكوخ وطرقت الباب، قال الذئب مقلدًا صوت جدتها: “طفلتي العزيزة! هذه أنتِ؟ ارفعي المزلاج وادخلي، أنا بانتظاركِ”.
وعندما وقفت الفتاة أمام “جدتها” صرخت: “جدتي! ما الذي جرى ليديك؟!”. فأجاب الذئب بحزن مصطنع: “صغيرتي! كنت أجمع الكستناء لكِ، فدخلت أشواكه في أصابعي”. ثم سألت الفتاة: “جدتي! لماذا عيناك كبيرتان؟”. فأجاب الذئب: “كي أراكِ بهما بوضوح”.
الحيلة تكتمل
قالت الفتاة: “جدتي! لماذا أنفكِ أسود؟”. فرد الذئب: “كي أشم رائحة الكعك الشهية في سلتك”. ثم سألت: “ولكن، لماذا هذه الأسنان الكبيرة؟”. فقال الذئب: “كي آكلكِ بها!”، وانقض على الفتاة والتهمها دفعة واحدة.
وبعد أن شبع الذئب، غطّ في نوم عميق. وفي أثناء ذلك، مر أحد الحطابين بجانب الكوخ واستغرب هدوءه بعد دخول فتاة صغيرة ممتلئة نشاطًا وحيوية. فقرر أن يلقي نظرة داخل الكوخ ليرى سر هذا الهدوء.
إنقاذ ليلى والجدة
عندما دخل الحطاب الكوخ ورأى الذئب نائمًا بعمق، فهم كل شيء وبدأ في تغيير ما أحدثه الذئب. أخذ مقصًا وبدأ بفتح بطن الذئب. وما كاد يقص قصتين حتى قفزت الفتاة من بطن الذئب وقالت: “شكرًا لك يا سيدي على إنقاذي من هذا المكان المظلم الموحش!”.
تابع الحطاب القص حتى خرجت من بطن الذئب الجدة العجوز. ثم ملأ بطن الذئب حجارة وخاطه. عندما استيقظ الذئب شعر بعطش شديد وثقل في بطنه، فاتجه إلى الجدول ليرتوي من مائه. لكنه ما إن انحنى ليشرب حتى سقط في الجدول وغرق.
النهاية السعيدة
جلست الجدة والفتاة والحطاب إلى الطاولة، وتلذذوا بأكل الكعك وشرب الشاي. وعدت الفتاة جدتها بأنها ستطيع من هو أكبر منها سنًا وعلمًا. ومنذ ذلك اليوم، لم تُرَ الفتاة تتجول وحدها، لا لقطف الأزهار، ولا لجمع الثمار.