كان جحا لا يفارقه حماره، لا في الليل ولا في النهار. وذات مرة خرج جحا في رحلة ليلية، وحماره تحته لا يتعب ولا يشكو، ربما لأنه كان يغني له دائمًا، ويربت كتفه.
كان الليل ساكنًا هادئًا، فنظر جحا إلى السماء الواسعة، وأخذ يراقب النجوم اللامعة المتناثرة، والقمر بينها كأنه الأمير، فقال جحا لنفسه: لماذا لا أصعد إلى القمر، وأطل من هناك على الأرض؟
التلة العالية والأمل الخادع
فكر جحا، وفكر.. لا بد من طريق يوصله إلى القمر! فرأى تلة عالية، قد انعكست عليها أضواء القمر، فقرر الصعود عليها، لأنها فيما يظن، قريبة من القمر. ولكن التلة عالية! فهل سيقوى حماره على تسلقها والصعود إليها؟
إذا، عليك يا جحا أن تسير ببطء وألا ترهق حمارك. وتابع طريقه وهو يمني نفسه، حتى لم يبق بينه وبين القمة سوى خطوات قليلة. عندما بلغ جحا القمة، أحس بالفرح الشديد، لأنه سيحقق رغبته في الوصول إلى القمر. ومن هناك سيرى العالم كله. ولما رفع رأسه إلى القمر فوجئ بأن القمر لا يزال عاليًا جدًا، فماذا يفعل؟
محاولات جحا الفاشلة للسقوط
قال جحا لنفسه: إن حماري أعلى مني، فإذا وقفت على ظهره، ورفعت يدي إلى الأعلى، فربما لمست القمر. ونفذ جحا هذه الخطة، ولكنها لم تفلح، فالقمر لا يزال بعيدًا، ينظر إلى جحا ويسخر منه.
ظل جحا واقفًا على ظهر حماره، يمد يديه عاليًا، ويدوس على رؤوس أصابع رجليه، فيخفق في كل هذه المحاولات، فينزعج جحا، ويختل توازنه، وإذا به يهوي من على ظهر حماره على الأرض، ويصيح متألمًا.
الاستسلام والعودة من الرحلة
وقف جحا خائبًا يتلمس جسمه، ويضغط على مواضع الألم وينفض ثيابه من الغبار. ولما ركب حماره، وهبط من التل، نظر إلى القمر الضاحك وقال له: يبدو أن الصعود إليك بهذه الطريقة مستحيل يا عزيزي.