قصة تلة البلور

قصة تلة البلور، مغامرة مشوقة عن إيغور الذي يواجه تحديات تلة البلور السحرية للفوز بالتفاحات الذهبية ونيل قلب الأميرة.
جدول المحتويات

في مزرعة نائية، عاش مزارع عجوز مع أبنائه الثلاثة. كان الابنان الأكبر والأوسط كسولين، مهتمين بالتباهي وركوب الخيل، تاركين أعمال المزرعة الشاقة لأبيهما وأخيهما الأصغر، إيغور. على الرغم من تحذيرات والدهما، استمر الأخوان في تجاهل مسؤولياتهما، بينما واصل إيغور العمل بجد.

في أحد المواسم، اختفى العلف الذي جمعه المزارع بشكل غامض، ولم يستطع أحد تفسير الأمر. قرر الأب أن يحرس أبناؤه المخزن ليلاً، لكن الابن الأكبر والأوسط فشلا في المهمة بسبب الخوف. وعندما جاء دور إيغور، اكتشف أن اللص هو جواد تمري ضخم. تمكن إيغور من السيطرة عليه، واكتشف لاحقًا جوادين آخرين: أحدهما أشهب والآخر ذهبي. أخفى إيغور الجياد الثلاثة في كهف بالغابة، ولم يخبر أحدًا بسرها.

في هذه الأثناء، أعلن الملك عن مسابقة للفوز بيد ابنته الأميرة، تتطلب تسلق تلة شديدة الانحدار لأخذ ثلاث تفاحات ذهبية من يدها. توافد الفرسان والأمراء من كل حدب وصوب، بما فيهم أخوا إيغور، لكنهم فشلوا في الصعود وسقطوا مرارًا.

وفي كل يوم من أيام المسابقة، كان يظهر فارس غريب يمتطي أحد الجياد التي أخفاها إيغور، فيصعد التلة بسهولة. في اليوم الأول، امتطى الجواد التمري، وفي اليوم الثاني امتطى الجواد الأشهب، وفي اليوم الثالث امتطى الجواد الذهبي. في كل مرة، كان الفارس الغريب يلتقط تفاحة ذهبية ويختفي عن الأنظار، مما أدهش الجميع وأثار حيرة الأميرة.

أعلن الملك عن احتفال كبير، ودعا الفرسان لتقديم التفاحات الذهبية للفوز بيد ابنته. في يوم الحفل، تفاجأ الجميع عندما ظهر إيغور مرتديًا الدرع الذهبية، ووضع التفاحات الثلاث بين يدي الأميرة. أدرك الملك والجميع أن إيغور هو الفارس الغامض الذي أنقذ حياة الملك من اللصوص وأظهر شجاعة فائقة.

في النهاية، تزوج إيغور الأميرة واحتفظ بالخاتم الملكي كرمز للوفاء. أما الجياد الثلاثة، فقد انطلقت لتجوب الأرض، ربما بحثًا عن فارس آخر يحتاج إلى المساعدة في تحقيق أحلامه.

قصة تلة البلور مكتوبة

يحكى أن مزارعًا وأولاده الثلاثة كانوا يعيشون في مزرعة نائية واسعة. وكان ابنا المزارع الأكبر والأوسط شابين طائشين لا يهتمان بالعمل إلا اختيار النياب الفاخرة والتباهي بركوب الخيل، ويتركان أعمال المزرعة الشاقة لأبيهما العجوز وأخيهما الأصغر إيغور. وكثيرًا ما كان العجوز يؤنب ولديه الأكبر والأوسط ويسألهما أن يساعدا أخاهما الأصغر إيغور، لكنهما كانا دائمًا يقولان: “إيغور يحب العمل ويأنس بالطبيعة والحيوانات، فليكن له ما يحب!”

في أحد المواسم كان حشيش العلف في المزرعة وفيرًا، وقد بذل المزارع جهدًا كبيرًا في جزّه وجمعه وخزنه. وبعد أن تم له ذلك، اطمأن على طعام ماشيته طوال الشتاء، ونام نومًا هانئًا. في صباح اليوم التالي خرج المزارع إلى مخزن العلف، فوقف ذاهلًا لا يصدق ما يرى. فقد كان المخزن الضخم خاليًا كأنما جاءت عصابة من اللصوص ونقلت حشيش العلف كله في ليلة واحدة.

جرى المزارع إلى المنزل وقال لأولاده: “العلف الذي جمعناه ليكون طعامًا للماشية طوال الشتاء اختفى كله في ليلة واحدة!” لم يعرف أحد كيف اختفى العلف، فقد فتش المزارع وجيرانه المنطقة كلها، فلم يعثروا على العلف ولا على أي أثر. فكأنما العلف ركب الرياح.

مراقبة مخزن العلف

في الموسم التالي كان على الابن الأكبر أن يحرس المخزن ليلًا. أحس الفتى بالنعاس، فافترش القش وقال: “النعسان لا يمسك بلص العلف!” وبينما هو يحلم بمباراة الفروسية التي أعلن عنها الملك للفوز بيد ابنته، اهتزت جدران المخزن فجأة اهتزازًا عنيفًا. فهب الفتى من نومه مذعورًا، وقفز هاربًا وهو يقول: “لن أعرّض نفسي للتلف من أجل هذا العلف!” وفي تلك الليلة اختفى حشيش العلف كله.

ثم حل موسم جديد، وكان على الابن الأوسط أن يحرس ليلًا. اهتزت جدران المخزن في تلك الليلة أيضًا، فخاف الفتى وفر كما خاف أخوه من قبل وفر.

مواجهة لص العلف

أخيرًا جاء دور الابن الأصغر إيغور، فسخر منه أخواه كثيرًا. لكنه كان يعلم أنه إذا لم يمسك بلص العلف جاءت ماشيته شتاءً دون طعام. أحس أول الليل بالنعاس، فجاء بقربة ماء وثقبها ثقبًا صغيرًا وعلقها فوق رأسه، وصارت قطرات الماء تبقيه منتبهًا. فجأةً، أخذت جدران المخزن تهتز اهتزازًا عنيفًا لكنه لم يتحرك من مكانه. ثم برز في باب المخزن جواد تمري، لم يرَ أحد جوادًا في ضخامته وشراسته. صهل الجواد صهيلًا مريعًا كأنما هو صهيل ألف جواد، وشبّ شبّة هائلة كأنما يريد أن يلمس بها السقف.

قفز إيغور إلى رسن الجواد وشده إلى الوراء بقوة عظيمة، وما هي إلا لحظة حتى كان الجواد قد هدأ وتحول من وحش مريع إلى مهر وديع يتمسح بثياب إيغور. قال إيغور مخاطبًا الجواد: “أنت إذن لص العلف!” ثم قاده إلى كهف آمن في الغابة، وعاد إلى منزله ونام نومًا هانئًا دون أن يخبر أحدًا بما جرى.

حدث في الليلتين التاليتين نفس الأمر. وكان لص العلف في الليلة الثانية جوادًا أشهب أضخم من الجواد التمري وأشد شراسة. وفي الليلة الثالثة كان الجواد ذهبيًا أضخم من الجواد الأشهب وأشد شراسة. قاد إيغور الجوادين إلى كهف الغابة الآمن وكتم الأمر.

التحقيق في اختفاء العلف

عزم أخوا إيغور أن يذهبا في الليلة التالية إلى مخزن العلف معًا ليحاولا معرفة سرّ ذلك المخزن العجيب، فالعلف لا يختفي إلا إذا كانا هما في الحراسة. لكنهما كانا يخافان النوم داخل المخزن، فتسلّقا شجرة قريبة، وعزما على أن يراقبا المخزن من قمّتها. لكن الأخوين لم يستطيعا مقاومة النعاس، فناما فوق الأغصان نومًا عميقًا.

اتفق أن تلك الشجرة كانت ملجأ لبعض السناجب. وقد أغاظ تلك السناجب أن ترى غريبين يشغلان مكانها، فراحت تقفز من غصن إلى غصن، وتشدّ ثياب الأخوين وتخدش وجهيهما. هبّ الأخوان من نومهما مذعورين، وقد ظنّا أن مخلوقات جنّية تهاجمهما وتريد أن تقتلع عيونهما، فرميا نفسيهما من أعلى الشجرة. وكان من حسن حظهما أنهما سقطا في بركة الماء التي تشرب منها الدواب.

اتفق أن إيغور جاء في ذلك الوقت ليطمئن على أخويه، خشية أن يكون قد هاجمهما لص آخر من آكلة العلف. وقد شاهد ما حدث، ثم عاد دون أن يكشف عن نفسه. وفي اليوم التالي ادّعى الأخوان أن ليلتهما كانت هادئة، فظلّ إيغور صامتًا.

لقاء الملك

في ذلك المساء تسلل إيغور إلى قلب الغابة ليطمئن على جياده الثلاثة. وبينما هو في طريقه إلى كهف الجياد، التقى رجلًا سمينًا يلبس ثيابًا فاخرة. استوقف الرجل السمين إيغور، وقال له: “أيها الفتى، أنا الملك جودار! لقد ضيّعت رفاق الصيد وفقدت جوادي. أنت فتى محظوظ! سيكون لك شرف مساعدة الملك!”

عندما أفاق إيغور من ذهوله، قال: “أنا طوع أمرك، يا مولاي. لكن أرجوك ألا تكشف هنا عن نفسك. فالفريسة الكبيرة، يا مولاي، هدف سهل للصيادين!”

كان الملك منهكًا، فلم يستطع مواصلة السير. وكان الليل قد هبط، فدخل الرجلان كوخًا وجداه في الغابة. استقبلهما في الكوخ رجل يلبس ثيابًا خشنة قديمة. عندما رأى الرجل ثياب الملك الفاخرة، برقت عيناه بريقًا حادًا، وأسرع يرحب به ترحيبًا شديدًا، ولم يجد الملك في ذلك شيئًا غريبًا.

كشف الحقيقة

رأى إيغور في يد الرجل خاتمًا ذهبيًا ذا جوهرة براقة ثمينة، فداخله الريبة. وكان الرجل قد زعم أنه يعيش وحده، لكن إيغور رأى في زاوية من زوايا الكوخ طعامًا كثيرًا جاهزًا، فزاد ذلك من ارتيابه.

ارتقى الملك وإيغور سلم العلية التي كان عليهما أن يناما فيها، وحرص إيغور أثناء صعوده السلم على أن يخلع خشبة من خشباته. أقفل إيغور باب العلية وراءه، وقال هامسًا: “مولاي، هذا الكوخ ملجأ للصوص. علينا أن نكون حذرين!” واتفقا على أن يتناوبا الحراسة. وكان على إيغور أن يحرس حتى منتصف الليل، وظلّ الملك طوال ذلك الوقت يشخر شخيرًا عاليًا. ثم جاء دور الملك في الحراسة، فعفا إيغور، لكن الملك أيضًا نام وعاد إلى شخيره.

المواجهة مع اللصوص

بُعيد منتصف الليل، دخل الكوخ عدد من الرجال، فأسرع إليهم صاحب الكوخ يتحدث معهم بهمْس. ثم أخذ اثنان منهم يرتقيان سلم العلية بحذر، وقد رفع كل منهما خنجره. تعثر أحد الرجلين بالخشبة المخلوعة، فتنبه إيغور من غفوته وأيقظ الملك. ووقفا كلاهما خلف الباب، وكل منهما يرفع بين يديه مقعدًا خشبيًا.

فتح اللصان باب العلية وتقدما ببطء وحذر. لكن سرعان ما كان كل منهما قد تلقى ضربة على رأسه أوقعته أرضًا. قال الملك هامسًا: “لا يزال ساعدي قويًا!” وقال إيغور: “علينا الآن، يا مولاي، أن تتنكّر في ثياب هذين الرجلين. خذ أنت ثوب الرجل السمين!”

الهروب من الكوخ

همس إيغور في أذن الملك قائلًا: “أرجوك يا مولاي، أن تلزم السكوت، وألا تنطق بحرف حتى نخرج من هذا الكوخ!” أحسّ الملك بالضيق، لكنه هزّ رأسه موافقًا.

نزل الرجلان السلم وقد تنكّرا في ثياب اللصين، ووقفا في زاوية معتمة من القاعة التي كانت تضيئها شمعة واحدة. وأمامهما وقف أربعة لصوص يمسك كل منهم قبضة خنجره. رفع إيغور يده ومررها على عنقه إشارة إلى أنه قتل الرجلين النائمين، فتسابق اللصوص الأربعة إلى العلية وهم يضحكون ويزّعقون.

ظنّ اللصوص أن الرجلين المرمَيّين أرضًا هما الملك وإيغور، فراحوا يفتشون في جيوبهما وأصابعهما، لكنهم سرعان ما أدركوا ما حدث، فنزلوا إلى القاعة وقد تملكهم غضب شديد.

مطاردة اللصوص

كان الملك وإيغور قد خرجا من الكوخ راكضين، لكن الملك تعب بعد حين فوقف يستريح. حاول إيغور أن يحمله على ظهره ويمشي، لكنه وجده ثقيلًا. ظنّ الملك أن إيغور سينجو بنفسه ويتركه وحيدًا، لكن إيغور جرّد خنجره ووقف بينه وبين اللصوص الذين كانوا قد اقتربوا منهما.

زعق اللصوص الأربعة ضاحكين وهم يهجمون على إيغور والملك. علا في تلك اللحظة صهيل مريع اهتزت له الغابة اهتزازًا عنيفًا، كأنما قد اقتحمتها ألوف الجياد الغاضبة. وظنّ اللصوص أن جيشًا من الفرسان يحيط بهم، فانهزموا مذعورين وهم يصدمون الشجر ويقعون في الحفر.

لم يكن الملك أقل خوفًا، فقد جمد في مكانه لا يقوى على الحراك ولا يفهم سرّ ذلك الصهيل المريع. أما إيغور فقد التفت صوب الكهف الذي خبّأ فيه خيوله الثلاثة: التمري، والأشهب، والذهبي، وبدا مطمئنًا.

لقاء الملك برجاله

التقى الملك وإيغور بعد حين نفرًا من رجال الملك. رأى الرجال الملك وإيغور يلبسان ثيابًا غريبة، فظنوهما بعض لصوص الغابة، وأسرعوا إليهما يريدون الإمساك بهما. كشف الملك عندئذ عن رأسه فجمد الرجال في أماكنهم ذاهلين.

ابتسم الملك ابتسامة ارتياح وقال في نفسه: “لا يُعرف المرء من ثيابه.” أصدر الملك أمرًا بمهاجمة كوخ اللصوص وإلقاء القبض عليهم، وقال لرجاله: “إذا سمعتم صهيلًا مريعًا فلا تخافوا، ذلك الصهيل أنقذ حياتي وحياة هذا الفتى الشجاع.” ثم التفت إلى إيغور وقال له: “تعال معي، فمكانك بين رجالي!”

قال إيغور: “أنا مزارع، يا مولاي، ولا أحب أن أترك أرضي وماشيتي!” أخرج الملك خاتمه الملكي من إصبعه وقدمه لإيغور، وقال: “باب القصر مفتوح لك في أي وقت تشاء!”

الاستعداد للمباراة الملكية

في هذا الوقت كان أخوا إيغور يستعدان للمشاركة في المباراة التي ستقام للفوز بيد الأميرة. وكان الملك قد أعلن أن على من يطمع في الفوز بيد ابنته أن يتسلق بجواده تلة الملكية، وأن يتناول من يد الأميرة الجالسة على قمتها ثلاث تفاحات ذهبية.

كانت تلك التلة المجاورة لقصر الملك شديدة الانحدار، صقيلة كأنها سفح من جليد، ولم يكن يُصعد إليها إلا بدرج جانبي. كان كل من الأخوين يحسب أن حقه في الفوز بيد الأميرة كبير، فقد كانا بارعين في ركوب الخيل، وكانا يقضيان أيامهما في تسلق التلال الشديدة الانحدار ونزولها، استعدادًا لتلك المباراة الملكية.

أراد إيغور أن يذهب مع أخويه إلى المباراة ليرى الأميرة في مجلسها العالي، والفرسان يحاولون الوصول إليها، وليعرف الفائز السعيد. لكن الأخوين سخرا منه كثيرًا، وقالا: “يداك خشنتان ومِعطفك لاصق بك. إنك مضحك حقًا!”

يوم المباراة المرتقب

في اليوم الموعود، توافد الأمراء والفرسان من كل مكان طمعًا في يد الأميرة الفاتنة. وكان كل منهم يحسب أن الأميرة ستكون عروسه، ولن تكون لأحد سواه. اجتمع الأمراء والفرسان في الميدان الملكي، يرتدون ثيابًا فاخرة بديعة، ويمشون بأنوف مرفوعة. ولم يكن أخوا إيغور دون سائر الفرسان في التباهي والاختيال.

ثم أقبلت الأميرة الفاتنة في موكب مهيب، محمولة على هودج من حرير. وعند تلة البلور، نزلت من الهودج وارتقت الدرج الجانبي.

بداية المباراة

بدأت المباراة، فأخذ الفرسان ينطلقون من بعيد تحفزًا لصعود التلة. وكان الواحد منهم إذا وصل إلى أولها انزلق به جواده وسقط أرضًا. حاول أخوا إيغور صعود التلة مرارًا، لكنهما كانا في كل مرة يسقطان ويتدحرجان. ظل الفرسان يحاولون قهر تلة البلور حتى وقعت جيادهم أرضًا عاجزة عن الحراك.

وفي آخر النهار، أخذ الملك يفكر في أن يعد لليوم التالي مباراة أخرى يستطيع أمراؤه وفرسانه اجتيازها.

ظهور الفارس الغريب

فجأة، برز من الأفق فارس غريب، جاء يطير على فرسه كما تطير الريح. أوقف الفارس جواده في الميدان الملكي، فشب الجواد شبة هائلة وصهل صهيلًا ارتجت له تلة البلور والأرض من حولها. رأى الناس الفارس، وكان عالي الهامة مهيبًا، ذو طاقية حمراء عريضة من طواقي الفرسان، ودرع نحاسية براقة تشع عليها شمس الغروب فتزيدها بريقًا. أما الجواد فكان تمري اللون، ضخمًا جدًا وشرسًا، لم يرَ أحد من قبل جوادًا في ضخامته وشراسته.

أراد بعض الأمراء أن ينصحوا الفارس الغريب بترك تلة البلور، لئلا يسقط هو أيضًا ويتدحرج كما سقط الآخرون وتدحرجوا. لكن قبل أن يتمكنوا من ذلك، كان الفارس قد بدأ يتسلق التلة بيسر، والناس من حوله ذاهلون.

الفارس الغريب والمباراة

رأت الأميرة ذلك الفارس المهيب فأحبته، وتمنت أن يصل إليها. لكنه أدار جواده بعد مسافة قصيرة، ونزل التلة بيسر كما تسلقها بيسر. رأت الأميرة الفارس يرتد نازلًا، فرمتْه بتفاحة من التفاحات الذهبية الثلاث، فقفز بجواده في الفضاء قفزة هائلة والتقط التفاحة الذهبية، ثم طار واختفى عن الأنظار.

عاد أخوا إيغور إلى المزرعة ذلك المساء يرويان حكاية الفارس الغريب الذي لو شاء لتابع طريقه إلى قمة تلة البلور وفاز بيد الأميرة. فأبدى إيغور حماسته للذهاب معهما في اليوم التالي، لكنهما هذه المرة أيضًا سخرا من هيئته ومن ثيابه.

اليوم الثاني من المباراة

في صباح اليوم التالي، اجتمع الأمراء والفرسان من كل مكان أمام تلة البلور. وراحوا، وفي جملتهم أخوا إيغور، يحاولون تسلق التلة مرة بعد مرة. وفي آخر النهار، صاروا يتلفتون إلى الأفق البعيد انتظارًا للفارس ذي الدرع النحاسية والحصان التمري الضخم.

قبل الغروب، برز من الأفق فارس غريب مهيب. كان ذا طاقية رمادية ودرع فضية براقة تشع عليها شمس الغروب فتزيدها بريقًا. وكان جواده أشهب ضخمًا جدًا، حتى إنه كان أضخم من الجواد التمري. سرعان ما أخذ ذلك الفارس يتسلق التلة بيسر، والناس من حوله ذاهلون.

التفاحة الذهبية الثانية

رأت الأميرة ذلك الفارس المهيب فأحبته كثيرًا، وتمنت أن يصل إليها. لكنه، قبيل الوصول إليها، أدار جواده ونزل. رأتْه الأميرة يرتد نازلًا، فرمتْه بتفاحة ذهبية من التفاحتين اللتين بقيتا عندها، فقفز بجواده في الفضاء قفزة هائلة، والتقط التفاحة، ثم طار واختفى عن الأنظار.

اليوم الثالث والمباراة الأخيرة

في اليوم الثالث، أراد إيغور أن يرافق أخويه في ذلك اليوم الأخير. لكنهُما سخرا منه كعادتهما. ولم يكن ذلك اليوم مختلفًا عن اليومين الأول والثاني، فقد ظل الفرسان طوال النهار ينزلقون ويسقطون. وفي آخر النهار، أخذوا يتلفتون إلى الأفق البعيد انتظارًا للفارس ذي الجواد التمري أو الفارس ذي الجواد الأشهب.

قبيل الغروب، برز من الأفق فارس غريب مهيب، كان ذا طاقية ذهبية، ودرع ذهبية براقة تشع عليها شمس الغروب فتزيدها بريقًا. وكان جواده ذهبيًا ضخمًا، أضخم حتى من الجواد الأشهب.

الفارس الذهبي والتفاحة الأخيرة

رأت الأميرة الفارس المهيب يتسلق تلة البلور بيسر، فأحبته كثيرًا وتمنت أن يصل إليها. هذه المرة، وصل الفارس إليها، والتقط التفاحة الذهبية الثالثة من يدها. لكنه استدار بعد ذلك، نزل التلة، وطار واختفى عن الأنظار.

بدت الأميرة ذاهلة وحائرة، لا تفهم كيف يتركها ذلك الفارس بعد أن فاز بيدها. وبدا الملك أيضًا والأمراء والفرسان كلهم حائرين.

الاحتفال الملكي

أذاع الملك أنه سيقيم في قصره احتفالًا ضخمًا يستقبل فيه أمراء البلاد وفرسانها، وأن من يُقدّم منهم في ذلك الاحتفال تفاحة من التفاحات الذهبية الثلاث سيفوز بيد الأميرة.

توافد الأمراء والفرسان إلى الحفل الملكي. فقد كانوا متلهفين لرؤية الفارس الذي سيقدم للأميرة تفاحة من تفاحاتها الذهبية ويفوز بيدها. جلس الملك في صدر بلاطه، وإلى يمينه جلست الأميرة الفاتنة.

الكشف عن الفارس الحقيقي

ترك إيغور في ذلك اليوم المزرعة ليكون مع المحتفلين. وقد رأى الحراس ثيابه وحاولوا منعه من الدخول. ولما علم الملك بالأمر، قال: “باب الملك مفتوح، يدخله من يشاء!”

طال الوقت دون أن يظهر الفارس المنتظر، حتى لاحت علامات اليأس على الوجوه. ثم رأى الناس إيغور يخرج من بين الجموع ويتقدم نحو الأميرة، فضحكوا جميعًا، لكن إيغور تابع سيره، وعند مجلس الملك نزع ردائه، فإذا تحت الرداء الدرع الذهبية. انحنى إيغور أمام الأميرة ووضع بين يديها التفاحات الذهبية الثلاث، ثم انحنى أمام الملك وأخرج من جيبه الخاتم الملكي الذي كان الملك قد أهداه إياه.

نهاية القصة

كان الجميع يتوقع أن يكون إيغور هو الفارس الذي تلقى التفاحات الذهبية الثلاث، لكن أخويه والأمراء والفرسان لم يكونوا يتوقعون ذلك، فكانوا في ذهول عظيم. أما الملك فكان أسعد رجل في المملكة، فلم يكن يتخيل أن الذي سيفوز بيد ابنته هو نفسه الذي أنقذ حياته من لصوص الغابة.

احتفظ إيغور طوال حياته بالخاتم الملكي في علبة من ذهب. أما الخيول الثلاثة: التمري، والأشهب، والذهبي، فقد حملت دروعها وانطلقت معًا تجوب الأرض، ولعلها الآن تبحث عن فارس آخر شجاع ونشيط، لتساعده في تحقيق أحلامه.

معرض الصور (قصة تلة البلور)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى