كان من عادات الناس في قديم الزمان أنه إذا سافر أحدهم من بلد إلى بلد، أو رحل من مكان إلى مكان، أن يبحث عن شخص أمين يحفظ له أمواله؛ حتى لا يحملها معه في السفر فتسرق أو تضيع منه في رحلته. وفي يوم من الأيام جاء رجلان يحملان معهما كيسا مملوءا بالنقود، وذهبا إلى أحد التجار الأمناء، وقالا له: نحن سوف نذهب في رحلة، ونخاف على أموالنا من اللصوص في الطريق في أثناء رحلتنا؛ لذلك نرجو منك أن تحفظ لنا هذا الكيس عندك حتى نعود. ففيه كل أموالنا، ولكن على شرط!
قال التاجر الأمين متعجبا: وما هذا الشرط؟
قال الرجلان: إذا جاء إليك أحدنا بدون الآخر ليطلب كيس النقود، فلا تعطه إياه!
وافق التاجر على أن يحفظ كيس المال للرجلين حتى يعودا من الرحلة.
وفاة مزعومة ومؤامرة محتملة
مرت سنة كاملة، ثم جاء أحد الرجلين إلى التاجر، فسلم عليه وطلب منه أن يعطيه كيس النقود.
فقال التاجر: لقد اشترطت أنت وصديقك علي شرطا، ألا أعطي المال لأحدكما إذا جاء بدون الآخر.
رد الرجل قائلا: إن صديقي قد مات في أثناء الرحلة؛ لذلك يجب أن تعطيني نقودي.
صدق التاجر الأمين هذه القصة، وأعطى الرجل كيس النقود، فشكره الرجل على حفظ الأمانة، وأخذ الكيس ورحل.
حيرة التاجر وحكمة القاضي
مرت سنة أخرى ثم جاء الرجل الثاني إلى التاجر يطلب منه كيس النقود! تعجب التاجر الأمين وتحير من هذه المؤامرة، ولم يدر ماذا يفعل. فقرر أن يذهب إلى قاضي المدينة ليعرض عليه الأمر.
كان القاضي مشهورا بالذكاء وحب العدل. سمع القاضي القصة كاملة من التاجر الأمين، ثم سمعها مرة أخرى من الرجل صاحب المال. عرف القاضي أن هناك مؤامرة قام بها الرجلان ليحتالا على التاجر.
ذكاء القاضي يكشف الحقيقة
في اليوم التالي جلس القاضي في مجلسه واستدعى التاجر والرجل صاحب المال.
وقال لصاحب المال: إن مالك في أمان عند التاجر، لكن حسب الشرط الذي اشترطته أنت وصاحبك على التاجر.. اذهب وأحضر صاحبك؛ لأنني لن أعطي المال لأحدكما بدون الآخر.
شكر الرجل القاضي، وذهب ليحضر صاحبه، ولكنه لم يعد مرة أخرى.