قصة الفرسان الثلاثة

اكتشف قصة الفرسان الثلاثة الشيقة، حيث يواجه دارتنيان وأصدقاؤه الفرسان العديد من التحديات لإنقاذ الملكة في مغامرة ملحمية مليئة بالشجاعة والإثارة والصداقة.
جدول المحتويات

في زمن بعيد، كانت فرنسا تعيش حالة من الاضطراب والمكائد. في هذا الجو المشحون، كان الشاب الشجاع دارتنيان يحلم بأن يصبح فارسًا يخدم الملك. بعد أن ترك قريته متوجهًا إلى باريس، ومعه رسالة توصية لقائد فرسان الملك، السيد دو تريفيل، سرقت الرسالة منه على يد رجل غامض. رغم ذلك، ظل دارتنيان مصممًا على تحقيق حلمه.

في باريس، التقى دارتنيان بثلاثة فرسان شجعان هم: آتوس، بورتوس، وأراميس. في البداية، كاد أن يتبارز معهم، لكن سرعان ما تحالفوا معًا عندما هاجمتهم مجموعة من حرس الكاردينال. بعد هذا الحدث، أصبح الأربعة أصدقاء مقربين واتحدوا بشعارهم: “الكل للواحد، والواحد للكل”.

في هذه الأثناء، كانت الملكة تعيش في قلق كبير بسبب مؤامرة خطيرة. كان الكاردينال ريشيليو، الرجل الطموح الذي يسعى للسيطرة على الملك، يخطط لتوريط الملكة في فضيحة كبيرة. فقد كانت الملكة قد أهدت وشاحًا من الماسات لدوق بكنغهام، رجل إنجليزي معجب بها، دون علم الملك. خطط الكاردينال لسرقة بعض الماسات من الوشاح وكشف الحقيقة للملك، مما سيضع الملكة في موقف محرج.

هنا، تدخلت كونستانس بوناسيو، إحدى وصيفات الملكة، وطلبت مساعدة دارتنيان. أخبرته بالخطر الذي يهدد الملكة، وطلبت منه الذهاب إلى لندن لإعادة الماسات إلى الملكة قبل الحفلة الملكية المرتقبة. دارتنيان لم يتردد، وبدأ رحلته الشاقة مع أصدقائه الفرسان الثلاثة.

واجه الأصدقاء العديد من المصاعب خلال رحلتهم، حيث تعرضوا لكمائن من حرس الكاردينال. أصيب أراميس واضطر إلى التوقف، ثم تعطل بورتوس في نزاع آخر، وأخيرًا أُلقي القبض على آتوس بتهمة حمل نقود مزورة. لكن دارتنيان واصل رحلته بمفرده، ونجح في الوصول إلى لندن.

عندما قابل دارتنيان دوق بكنغهام، اكتشفا أن الماستين قد سُرقتا بالفعل من الوشاح. أدرك الدوق أن العميلة ميلادي دو ونتر، التي تعمل لصالح الكاردينال، هي التي سرقت الماستين. لم يكن أمامهما سوى محاولة صنع ماستين جديدتين قبل موعد الحفلة. بعد جهد كبير، تمكن أفضل صائغ في لندن من صنع ماستين تشبهان الماسات الأصلية تمامًا.

عاد دارتنيان إلى باريس بسرعة، وتمكن من إيصال الوشاح إلى الملكة في اللحظة الحاسمة. في الحفلة الملكية، كانت الملكة ترتدي الوشاح الكامل أمام الحضور، بينما كان الكاردينال يخطط للإيقاع بها. عندما لفت الكاردينال انتباه الملك إلى غياب الماسات، ظهرت الملكة بكل فخر وهي ترتدي الوشاح بجميع الماسات الاثنتي عشرة، مما أصاب الكاردينال بالدهشة وأفسد خطته.

وفي النهاية، شكرت الملكة دارتنيان على شجاعته وقدمت له خاتمًا ثمينًا تقديرًا لمساعدته. شعر دارتنيان بالسعادة لأنه نال ثقة الملكة وصداقة الفرسان الثلاثة، وكان واثقًا بأن حلمه في أن يصبح فارسًا شجاعًا سيتحقق قريبًا.

هكذا انتهت المغامرة، بانتصار دارتنيان على مؤامرات الكاردينال، وإثباته أنه لا يحتاج فقط إلى الشجاعة، بل أيضًا إلى الذكاء والإخلاص ليصبح فارسًا حقيقيًا.

قصة الفرسان الثلاثة مكتوبة

في صباح يوم من أيام نيسان (أبريل) من عام 1625، بدت بلدة مونع الفرنسية في هرج ومرج. كانت فرنسا في ذلك الزمان تعيش جوًا من العداوات والمصادمات، فالكاردينال الطامع ريشيليو كان يناهض الملك ويسعى لمضاهاته في القوة والسلطان. وبين الأسر النبيلة كانت هناك اشتباكات ومنازعات، وفوق ذلك كله كان الجيش الإسباني على الحدود الفرنسية، تواقًا دائمًا لشن الهجمات. لم تكن تمر أيام دون حدوث اضطراب في هذه البلدة أو تلك.

في ذلك الصباح، احتشد جمع من الفضوليين أمام نزل البلدة، فقد وصل شاب منتصب القامة، عالي الجبين، على متن جواد عجوز لم ير أهل البلدة شبيهاً له في ضعفه وهزاله. بدا المشهد مضحكاً، ولكن نظرات الشاب الحادة والفتوة البادية على وجهه، والسيف الطويل الذي كان يتقلده، أقنعتهم بكتم ضحكاتهم.

دارتنيان وهدفه الكبير

كان الشاب، واسمه دارتنيان، في طريقه إلى باريس، حيث كان يأمل في تحقيق أغلى أمنية على قلبه، وهي أن يصبح فارسًا من فرسان الملك. كان يحمل معه رسالة من أبيه إلى قائد الفرسان السيد دو تريفيل، أحد أصدقاء أبيه القدامى.

بينما كان دارتنيان يترجل عن جواده، لمح في نافذة النزل رجلًا ذا ندبة على صدغه، يتحدث إلى رجلين آخرين، وكان الثلاثة يضحكون. بدا واضحًا لدارتنيان أنهم يضحكون عليه.

لم يطق دارتنيان ذلك المشهد، فقال بغضب شديد:
“أخبرني أيها السيد، عما يضحكك، لعلنا نضحك سوية.”
رد الرجل قائلاً:
“لم أكن أتحدث إليك أيها السيد.”

استل دارتنيان سيفه وقال:
“أكنت تضحك عليّ؟”

خرج الرجل ذو الندبة من النزل وواجه دارتنيان، وقال:
“أضحك كيف أشاء ومتى أشاء.”

المبارزة والاشتباك

انقض دارتنيان على خصمه، فارتد الرجل وأسرع يستل سيفه هو أيضًا. في اللحظة نفسها، ورغبة في منع المبارزة، هاجم صاحب النزل ونفر من الجمهور دارتنيان وصرعوه أرضًا، ثم حملوه إلى داخل النزل فاقد الوعي.

بعد هنيهة، سأل ذو الندبة عن حال الشاب وعن هويته، فأجاب صاحب النزل:
“سيعود وعيه إليه بعد قليل. لا أعرف من هو يا سيدي، لكنه يحمل رسالة إلى السيد دو تريفيل في باريس.”

بدا الاهتمام على وجه الرجل ذو الندبة وقال:
“حقًا؟ أريد أن أعرف ما في تلك الرسالة. ذلك شاب مثير للمتاعب. أرجوك أعد فاتورة حسابي، فإني مغادر النزل. عليّ أن أقابل ميلادي، ولا أريد أن تقع عين ذلك الشاب عليها.”

اللقاء مع ميلادي

بعد ذلك بقليل، بدأ وعي دارتنيان يعود إليه. مشى إلى النافذة مترقبًا، فوقع بصره على ذو الندبة وهو يقف إلى جانب عربة ويتحدث إلى سيدة جميلة. سألت السيدة:
“ما هي أوامر الكاردينال؟”
أجاب الرجل:
“عليك أن تعودي إلى إنكلترا فورًا. راقبي دوق بكنغهام، فإذا ترك لندن أعلمي الكاردينال. أنا عائد إلى باريس.”

اندفع دارتنيان خارج النزل وصاح:
“قف وقاتل، أيها السيد! أتهرب في حضرة سيدة؟”

امتدت يد الرجل إلى سيفه، لكن السيدة ميلادي أسرعت بوضع يدها على ذراعه قائلة:
“تذكر أن التأخير قد يتسبب في إفساد خططنا.”
وافقها الرجل قائلاً:
“الحق معك، اذهبي في طريقك، وأنا ذاهب في طريقي.”

لوح الحوذي بسوطه فتحركت العربة، وقفز ذو الندبة على ظهر جواده وراح يعدو به في اتجاه آخر. صاح دارتنيان وراءه:
“جبان!”

لكن الرجل كان قد مضى.

اختفاء الرسالة وبدء الرحلة

بدأ دارتنيان يعد نفسه للرحيل إلى باريس، لكنه سرعان ما اكتشف أن رسالته قد اختفت. فاندفع إلى صاحب النزل، والغضب واضح على وجهه. دب الذعر في قلب صاحب النزل، وأجاب بصوت خائف:
“ذلك الرجل أخذ رسالتك يا سيدي. لقد رأيته يبدي اهتمامًا شديدًا بها.”

أدرك دارتنيان أن الرسالة ضاعت، ولم يعد أمامه سوى أن يأمل في أن يستقبله السيد دو تريفيل ويساعده دون تلك الرسالة. كان دو تريفيل صديقًا حميمًا للملك لويس الثالث عشر، وقائدًا لفرقة الفرسان الملكية التي كرست حياتها لخدمة الملك.

في تلك الأوقات العصيبة، كانت فرنسا بحاجة إلى رجال شجعان مثل دو تريفيل. ولكن الكاردينال ريشيليو، الذي كانت قوته تقارب قوة الملك، كان لديه أيضًا رجاله المعروفين بـ “حرس الكاردينال”. وكان كل من الملك والكاردينال يتفاخر برجاله ويشجعهم على مقاتلة رجال الآخر.

اللقاء بالسيد دو تريفيل

وصل دارتنيان إلى مركز قيادة دو تريفيل، وهو مكان كان يعج دائمًا بالفرسان. دخل دارتنيان إلى هناك بقلب مليء بالانفعال والأمل. وبعد أن أُذن له بمقابلة دو تريفيل، كان عليه أن ينتظر قليلًا، فقد كان القائد يوبخ بعض رجاله:

“آتوس! بورتوس! أراميس! قيل لي إنكم أثرتم قتالًا في الطرقات وإن حرس الكاردينال قد اعتقلوكم. هذا لا يجوز!”
رد الفرسان بلهجة احتجاج:
“لقد هاجمونا، فقاتلناهم، ثم انسحبنا من ساحة القتال.”

تمتم دو تريفيل:
“لم يخبرني الكاردينال بذلك. على أي حال، لن أسمح لرجالي أن يخاطروا بحياتهم دون سبب وجيه. الآن، انصرفوا، سأقابل هذا الشاب.”

دارتنيان وفرصة الانضمام للفرسان

قدم دارتنيان نفسه بحماسة، فابتسم السيد دو تريفيل وقال:
“أبوك صديق قديم، هل يمكنني أن أخدمك في شيء؟”

أخبره دارتنيان بأنه جاء إلى باريس لينضم إلى فرقة الفرسان الملكية. أجاب القائد:
“لا يمكن الالتحاق بفرقة الفرسان بهذه البساطة. عليك أولاً أن تخدم في فرقة أقل شأنًا. سأرسلك إلى معهد السلاح الملكي لتتعلم فنون الفروسية والمبارزة. أبقني على اطلاع بخطوات تقدمك.”

غمر السرور قلب دارتنيان، فشكر السيد دو تريفيل، وخرج من عنده وهو يكاد لا يرى طريقه من شدة الحماسة. وبينما كان يغادر المركز، شاءت الصدفة أن يصطدم بالفرسان الثلاثة الذين رآهم سابقًا عند دو تريفيل. كانوا لا يزالون مستائين بعد التوبيخ الذي تلقوه، ولم يتحملوا الأمر.

مواجهة الفرسان الثلاثة

وجد دارتنيان نفسه أمام تحدٍ بالمبارزة مع الفرسان الثلاثة، واتفقوا على أن يقاتل آتوس عند الظهر، وبورتوس في الساعة الواحدة، وأراميس في الساعة الثانية. شعر دارتنيان بالحيرة والخوف، لكنه قال لنفسه:
“لن أقبل على نفسي أن أنسحب. وإذا مت، فسأموت على الأقل بيد فارس من فرسان الملك.”

لم يكن دارتنيان يعرف أحدًا في باريس، فذهب لملاقاة آتوس وحده، مصممًا على القتال بشرف. وعندما وصل آتوس، رافقه صديقاه الآخران كشاهدين. ذهل الفرسان الثلاثة عندما اكتشفوا أنهم جميعًا على موعد لمبارزة الشاب نفسه.

قال دارتنيان:
“ما دمتم جميعًا هنا، فإني أود أن أعتذر.”

عند سماع كلمة “اعتذار”، رأى دارتنيان نظرات الاحتقار في أعين الفرسان، فقد ظنوه جبانًا. استشاط غضبًا وقال:
“لقد أسأتم فهمي، أيها السادة! أعتذر فقط لأن الفرصة لن تتاح لي لمقاتلتكم جميعًا. للسيد آتوس الحق في أن يقتلني أولاً. والآن، إلى السلاح!”

المبارزة مع حرس الكاردينال

استل دارتنيان سيفه بحركة مليئة بالجرأة والفروسية، واستل آتوس سيفه أيضًا. ولكن في تلك اللحظة، ظهرت جماعة من حرس الكاردينال. صرح أحد الحرس ساخرًا:
“هل أنتم تتبارزون، أيها الفرسان؟ تعرفون أن المبارزة ممنوعة. ارموا سيوفكم، فأنتم موقوفون!”

رد الفرسان قائلين:
“لن نرمي سيوفنا! قد نكون ثلاثة فقط، ولكننا سنقاتل.”

أسرع دارتنيان يقول بثقة واعتداد:
“بل نحن أربعة، جربوني.”

سأله آتوس:
“ما اسمك أيها الفتى الشجاع؟”
فأجاب:
“دارتنيان، يا سيدي.”

قال آتوس بحماسة:
“هيا، إذاً، يا آتوس، بورتوس، أراميس، ودارتنيان، إلى الأمام!”

علا صوت صليل السيوف، وارتفعت صيحات الرجال وهم يقاتلون بضراوة، كرا وفرا. كان حرس الكاردينال مقاتلين بارعين، لكنهم في النهاية هُزموا. بعدها، توجه الفرسان الأربعة المنتصرون إلى السيد دو تريفيل متابطين أذرع بعضهم.

دارتنيان يكتسب ثقة الفرسان

شعر دارتنيان بسعادة عامرة واعتزاز، وقال لرفاقه:
“لم أبلغ بعد مرتبة فارس، ولكني أعتبر نفسي مرشحًا لهذا الشرف.”

أثار الحادث ضجة كبيرة في البلدة، وقد قام السيد دو تريفيل بتوبيخ رجاله علنًا، لكنه هناهم سرًا. سمع الملك بما جرى، وأعجب بشجاعة دارتنيان إعجابًا شديدًا. ومنذ ذلك الوقت، نشأت صداقة حميمة بين دارتنيان والفرسان الثلاثة.

بدأ دارتنيان يتعلم الكثير عن حياة باريس، وبلاط الملك لويس الثالث عشر، وملكة فرنسا الجميلة. كان سعيدًا وتواقًا لليوم الذي يصبح فيه فارسًا من فرسان الملك.

اختطاف كونستانس

ذات يوم، وبينما كان دارتنيان في غرفته، جاءه صاحب المبنى، السيد بوناسيو، وقال له:
“سمعت أنك شاب شجاع، يا دارتنيان. أنا بحاجة إلى مساعدتك، فقد اختطفت زوجتي كونستانس!”

أجابه دارتنيان مندهشًا:
“اختطفت؟”
قال السيد بوناسيو:
“زوجتي حياطة الملكة، ولكنها أيضًا موضع ثقة الملكة وأمينة أسرارها.”

كان دارتنيان قد سمع الكثير عن حياة الملكة. فقد كانت امرأة مستوحشة، تخلّى عنها زوجها الملك، وافتقدت محبته وعطفه. كان الكاردينال ريشيليو يميل إليها فيما مضى، لكنها رفضته، فأخذ من غيرته يحبك ضدها المؤامرات. وكان دوق بكنغهام، وهو رجل نافذ في إنكلترا، معجبًا بملكة فرنسا. في ذلك الوقت، لم تكن فرنسا وإنكلترا على وفاق.

دارتنيان يقرر المساعدة

تنهد السيد بوناسيو وقال:
“أظن أن زوجتي اختطفت بسبب معرفتها بأسرار الملكة. فقد أخبرتني مؤخرًا أن الملكة قلقة للغاية، لأنها سمعت أن الكاردينال أرسل رسالة إلى دوق بكنغهام مستخدمًا اسمها لإغرائه بالمجيء إلى باريس والوقوع في الفخ.”

سأله دارتنيان:
“أتظن أن الكاردينال هو من اختطف زوجتك؟”

أجاب السيد بوناسيو بقلق:
“أخشى ذلك. لقد شوهد أحد رجاله، وهو رجل ذو ندبة على صدغه، وهو يشدها إلى عربته.”

تذكر دارتنيان وقال بسرعة:
“يبدو لي أنه الرجل نفسه الذي قابلته في مونع!”

ألح السيد بوناسيو راجيًا:
“أتساعدني؟ أعرف أنك دائمًا في صحبة الفرسان الذين هم أعداء الكاردينال، وسيسعدكم أن تفسدوا خططه وتساعدوا الملكة في الوقت نفسه.”

اقتناع دارتنيان بكلام السيد بوناسيو وقال:
“سأبذل جهدي. وإذا كان الرجل ذو الندبة هو نفس الشخص الذي قابلته في مونع، فستكون هذه فرصة لأنتقم لنفسي!”

تحالف دارتنيان مع الفرسان

لم يضيع دارتنيان الوقت، وأسرع إلى إخبار أصدقائه آتوس، بورتوس، وأراميس باختفاء كونستانس بوناسيو. قال لهم:
“هذه المرأة دفعتها ولاؤها للملكة إلى هذه الورطة. كما أنني قلق على سلامة الملكة.”

قال آتوس مترددًا:
“سمعت الناس يقولون إن الملكة تحب أعداءنا الإسبان والإنكليز.”

مؤامرة الكاردينال وهدف الفرسان

أوضح دارتنيان قائلاً:
“لا تنس أنها إسبانية المولد، فمن الطبيعي أن تحب موطنها الأصلي. أما بالنسبة للإنجليز، فإن الشخص الوحيد الذي يحظى بإعجابها هو دوق بكنغهام. ويبدو لي أن الكاردينال ورجاله يستغلون إعجاب بكنغهام بالملكة ليحيكوا مؤامرة دنيئة.”

أقر الفرسان الثلاثة أن عدوهم الحقيقي هو الكاردينال، واعتبروا أن أي فرصة لإفساد خططه تستحق المخاطرة بحياتهم. فكان اختفاء كونستانس بوناسيو هو مفتاح السر، وكان عليهم العثور عليها. اتفقوا على أن يشتركوا جميعًا في تلك المهمة.

مد الرجال الأربعة أيديهم لتتشابك، وصاحوا بصوت واحد:
“الكل للواحد، والواحد للكل!”

إنقاذ كونستانس بوناسيو

كانت مهمة دارتنيان تقضي بمراقبة شقة السيد بوناسيو من غرفته في الطابق العلوي. فقد اعتقل رجال الكاردينال السيد بوناسيو، وكانوا يعتقلون كل من يأتي إلى منزله، محاولين انتزاع أي معلومات عن حياة الملكة.

وفي ساعة متأخرة من إحدى الليالي، سمع دارتنيان صراخ امرأة صادرًا من الطابق الأرضي. فاستل سيفه وهرع إلى النجدة، وكانت صاحبة الاستغاثة هي كونستانس بوناسيو نفسها! فقد تمكنت من الفرار من آسريها وعادت إلى بيتها، حيث كان حرس الكاردينال في انتظارها. لكن هجوم دارتنيان المفاجئ أربكهم، ففروا هاربين.

قالت كونستانس بصوت متهدج:
“شكرًا لك على إنقاذ حياتي! والآن، علي أن أذهب، فلدي خدمة عاجلة للملكة.”

لقاء سري مع دوق بكنغهام

بعد ساعات، وفي الظلام الدامس، فوجئ دارتنيان برؤية كونستانس تتحدث مع رجل يشبه صديقه أراميس. ماذا كانا يفعلان؟ أسرع دارتنيان نحوها، ليرى أن الرجل كان غريبًا متنكرًا في زي الفرسان. ذلك الرجل لم يكن سوى دوق بكنغهام! وكانت كونستانس تصطحبه إلى اجتماع سري مع الملكة في قصر اللوفر.

توسلت كونستانس إلى دارتنيان قائلة:
“أرجوك، لا تكشف أمرنا! فهذا سيحطمنا جميعًا.”

اقتنع دارتنيان بصدقها، فصافح الدوق وقال:
“سأعمل على أن تصلا إلى اللوفر سالمين.”

هدية الملكة لبكنغهام

قادت كونستانس دوق بكنغهام إلى غرفة هادئة في قصر اللوفر. جاء الدوق إلى باريس معتقدًا أنه تلقى دعوة من الملكة، لكن سرعان ما أدرك أن الرسالة كانت فخًا نصبه الكاردينال. رغم الخطر الذي كان يحدق به، لم يرغب الدوق في العودة إلى لندن دون رؤية الملكة.

دخلت الملكة الغرفة، وكان وجهها الجميل شاحبًا. توسلت إلى بكنغهام أن يعود إلى إنجلترا، وجعلته يعد بألا يحاول رؤيتها سرًا مرة أخرى، لأن في ذلك خطرًا كبيرًا.
قالت له:
“تعال كسفير، وحولك حرس يدافعون عنك. عندها سأعلم أنك في أمان.”

أقرها بكنغهام على كلامها وقال:
“ليتني أحمل معي منك شيئًا يذكرني بك!”

وضعت الملكة بين يديه علبة من خشب أحمر طيب الرائحة، وقالت:
“خذ هذه، وارحل قبل فوات الأوان!”

خيانة في قصر الملكة

سرعان ما وصل نبأ الاجتماع السري إلى الكاردينال ريشيليو. نقل الكونت دو روشفور، الرجل ذو الندبة الذي سبق أن واجه دارتنيان في بلدة مونغ، هذا الخبر إلى الكاردينال. تمكن روشفور، الذي كان عميلًا للكاردينال، من زرع جاسوسة في جناح الملكة.

قال دو روشفور للكاردينال:
“بكنغهام قابل الملكة، ثم عاد إلى إنجلترا.”

بدا الغضب على وجه الكاردينال وقال:
“إذاً، خطتنا فشلت.”

أجاب دو روشفور:
“الملكة أهدت بكنغهام وشاح الماسات الاثنتي عشرة الذي أهداها إياه الملك في عيد ميلادها.”

ابتسم الكاردينال ابتسامة خبيثة وقال:
“عظيم! لم نخسر كل شيء إذاً.”

مؤامرة الكاردينال لسرقة الماسات

كتب الكاردينال رسالة وختمها، ثم استدعى أحد رجاله وقال:
“خذ هذه الرسالة إلى لندن فورًا. ولا تجعل شيئًا أو أحدًا يؤخرك.”

جاء في الرسالة:
“ميلادي دو ونتر – كوني في أول حفلة يقيمها بكنغهام. سوف يرتدي وشاح الماسات الاثنتي عشرة. انتزعي منه ماستين، وحالما تفعلين ذلك أعلميني.”

في الوقت نفسه، علم الملك بزيارة بكنغهام السرية إلى باريس، حيث نقل إليه الخبر الكاردينال نفسه. أثارت تلك الزيارة استنكار الملك، الذي أراد معرفة السبب وراءها. قال الكاردينال:
“لا شك أنه جاء يتآمر مع أعدائك.”
رد الملك بغضب:
“بل جاء لرؤية الملكة!”

كان الكاردينال على دراية بشكوك الملك حول إخلاص الملكة، فابتسم ابتسامة خبيثة وقال:
“لا أود أن أثير الشك، لكن علمت أن الملكة بكت هذا الصباح، وأنها أمضت الليل في كتابة رسالة.”

صاح الملك:
“أريد أن أرى تلك الرسالة!”

الملكة تحت المراقبة

أرسل الملك مستشاره لتفتيش جناح الملكة، لكن لم يجد المستشار سوى رسالة عادية من الملكة إلى أخيها تنتقد فيها طغيان الكاردينال، ولا ذكر فيها لبكنغهام. شعر الملك بالارتياح وقال:
“كنت مخطئًا أيها الكاردينال. فالملكة مخلصة لي.”

انحنى الكاردينال وقال بلباقة:
“ربما ترغب، يا مولاي، في إقامة حفلة لتسعد الملكة، فهي تحب الحفلات. وستكون فرصة لتلبس وشاح الماسات البديع الذي أهديتها إياه في عيد ميلادها.”

سرت الملكة كثيرًا حين علمت بالحفلة المفاجئة التي يجري إعدادها، وسألت بشوق عن موعدها. أخبرها الملك أن الكاردينال هو الذي يتولى إعداد الحفلة. لكن الكاردينال ظل أسبوعًا يؤجل تحديد الموعد.

نجاح خطة الكاردينال

في اليوم الثامن، تلقى الكاردينال رسالة من ميلادي دو ونتر، جاء فيها:
“الماستان في حوزتي. أرسل لي مالاً وسأحملها إلى باريس.”

قدر الكاردينال أن ميلادي ستصل إلى باريس خلال عشرة أو اثني عشر يومًا، فشعر بالسعادة لأن خطته تسير بنجاح. بعدها توجه إلى الملك وقال:
“أعد كل شيء، وستقام الحفلة بعد أربعة عشر يومًا. أرجو، يا مولاي، أن تذكر الملكة بارتداء وشاح الماسات.”

ابتهجت الملكة عند اقتراب موعد الحفلة، لكن ابتهاجها سرعان ما تحول إلى صدمة عندما قال لها الملك:
“أريدك أن تظهري في أجمل حلة، وأن ترتدي وشاح الماسات الذي أهديتك إياه في عيد ميلادك.”

الملكة في مأزق

حدقت الملكة بالملك وقالت بصوت واهن:
“متى تكون الحفلة؟”
أجاب الملك:
“لقد جعل الكاردينال الموعد بعد أربعة عشر يومًا.”

عندما سمعت الملكة اسم الكاردينال، شحب وجهها.
سألت بصوت مرتجف:
“أكانت فكرته أيضًا أن أرتدي وشاح الماسات؟”
رد الملك بعصبية:
“نعم، كانت فكرته. فهل تطلبين شيئًا كثيرًا؟”

ما إن خرج الملك حتى ارتمت الملكة في كرسيها وهي تهمس بألم:
“قُضي عليّ. لا شك أن الكاردينال على علم بكل شيء. ما العمل؟”
ثم أخذت تبكي بشدة.

خطة لاستعادة الماسات

فجأة، سمعت الملكة صوتًا يقول:
“لا تبكي، يا صاحبة الجلالة.”

استدارت الملكة بسرعة، لتجد كونستانس بوناسيو تقف أمامها، بعد أن كانت قد سمعت كل شيء.
قالت كونستانس مطمئنة:
“لا تخافي، سأعيد لك الماسات في الوقت المناسب لتلبسيها في الحفلة!”

طلب المساعدة من دارتنيان

كانت كونستانس تعلم أنها لا تستطيع اللجوء إلى زوجها، فقد أطلق الكاردينال سراحه بعد أن رشاه بالمال، وصار واحدًا من رجاله. لم يكن أمامها إلا شخص واحد تلجأ إليه، وهو دارتنيان. أخبرت دارتنيان بما حدث، بعد أن جعلته يقسم على الحفاظ على سرية ما تقول.

أسرع دارتنيان دون إضاعة لحظة واحدة، وذهب إلى السيد دو تريفيل طالبًا إذنًا بالسفر. قال موضحًا:
“علي أن أذهب إلى لندن في مهمة سرية أخدم فيها الملكة.”

نظر السيد دو تريفيل إلى الشاب المتحمس نظرة فاحصة وقال:
“وهل سيحاول أحد منعك من القيام بمهمتك هذه؟”
أجاب دارتنيان:
“نعم، الكاردينال سيحاول ذلك إن علم بمهمتي.”

رد السيد دو تريفيل:
“لن تذهب وحدك إذًا. سيرافقك آتوس، بورتوس، وأراميس. من المؤكد أن واحدًا منكم سيكون قادرًا على الوصول إلى لندن.”

لم يكن آتوس وبورتوس وأراميس أقل حماسة من صديقهم دارتنيان عندما علموا بالمهمة الجديدة.

بداية الرحلة

غادر المغامرون الأربعة باريس في الثانية صباحًا، وظلوا صامتين طوال الليل، متوقعين أن يقعوا في كمين عند أي منعطف. لكن روحهم المعنوية ارتفعت مع شروق الشمس. سارت الأمور على خير وجه حتى وصلوا صباحًا إلى بلدة شانتيي. توقفوا في نزل لتناول الفطور، وهناك حدثت مواجهة عندما طلب رجل منهم الهتاف بحياة الكاردينال. وافق بورتوس بشرط أن يهتف الرجل بحياة الملك. رفض الرجل، وحدث نزاع حاد، فبقي بورتوس لتسوية النزاع، بينما تابع رفاقه الثلاثة رحلتهم.

استمروا في رحلتهم لبضع ساعات، ثم التقوا بعمال يصلحون الطريق. ما إن اقتربوا منهم حتى أخرج العمال بنادقهم. صاح دارتنيان:
“أسرعوا! إنه كمين!”

انطلقوا بجيادهم بأقصى سرعة، لكن أراميس أصيب في كتفه. لم يعد بإمكانه السفر لمسافات طويلة، فتركه رفاقه في قرية مجاورة بعد أن ضمدوا جرحه.

مواجهة في أميان

بقي دارتنيان وآتوس يتابعان الرحلة وحدهما. وعند حلول الظلام، أقاما ليلتهما في نزل في مدينة أميان. مرت الليلة بسلام، لكن في الصباح التالي، تقدم آتوس لدفع الإيجار، فاتهمه صاحب النزل بحمل نقود مزورة. أحاط به أربعة رجال، بدا واضحًا أنهم كانوا ينتظرونه.

صاح آتوس وهو يستل سيفه:
“انطلق يا دارتنيان!”

قفز دارتنيان إلى ظهر جواده وراح يعدو بأقصى سرعة. وأخيرًا، بعد أن أُنهك جواده، وصل دارتنيان إلى ميناء كاليه حيث ترسو السفن المسافرة إلى إنجلترا. أسرع إلى رصيف الميناء، وهناك وجد رجلًا يطلب من قبطان سفينة نقله إلى إنجلترا. لكن القبطان أوضح أن أحدًا لا يستطيع الإبحار إلا بجواز سفر خاص، وهذه أوامر جديدة أصدرها الكاردينال نفسه.

الحصول على جواز المرور

بسط الرجل ورقة أمام القبطان وقال:
“معي الجواز. هل تأخذني؟”

وافق القبطان بشرط أن يوقع رئيس الميناء على الجواز. سمع دارتنيان هذا الحوار وكمن بين الأشجار بانتظار عودة الرجل من عند رئيس الميناء. كان يعلم أنه لا يستطيع تفويت هذه الفرصة، لأن الجواز هو الوسيلة الوحيدة لمغادرة فرنسا. وعندما عاد الرجل، رفض تسليم الجواز، فاحتكم الرجلان إلى السيف واشتد القتال بينهما. بعد معركة طويلة، أدرك الرجل أنه لا يستطيع التغلب على دارتنيان، فاستسلم وسلمه الورقة الثمينة.

أخفى دارتنيان الجواز في جيبه وأسرع إلى الميناء باحثًا عن مركب ينقله إلى إنجلترا.

دارتنيان يصل إلى إنجلترا

لم يكد مركب دارتنيان يبتعد عن المرفأ حتى دوى صوت مدفع، معلنًا إغلاق الميناء. لقد تمكن من الإفلات في آخر لحظة. نال التعب منه فنام طوال الرحلة، وفي الصباح كان قد دخل ميناء دوفر الإنجليزي. دون إضاعة للوقت، توجه مباشرة إلى لندن.

لم يكن دارتنيان يتحدث الإنجليزية، لكنه كان يحمل ورقة كتب عليها اسم دوق بكنغهام، فدله الناس على مقصده بسرعة. استقبله الدوق على الفور، لأنه كان يعرفه منذ أن التقيا في أحد شوارع باريس المعتمة.

شحب وجه الدوق حين أخبره دارتنيان بالخطر الجسيم الذي يحيق بالملكة، وقال بصوت متهدج:
“علينا أن نعيد إليها وشاح الماسات. لا أريد أن يعرف الملك أنها قدمت الوشاح لي!”

اكتشاف سرقة الماستين

أحضر الدوق علبة وشاح الماسات وفتحها. وعندما رفع الوشاح، شهق في فزع قائلًا:
“لقد اختفت ماستان!”

سأل دارتنيان بقلق:
“أترى سقطتا يا سيدي؟”
أجاب الدوق متجهما:
“بل سرقنا.”

ثم أراه الجانب من الوشاح حيث قص وانتزعت الماستان. فجأة صاح الدوق:
“الآن تذكرت، لبست الوشاح مرة واحدة فقط، في حفلة أقيمت في لندن. ولاحظت أن ميلادي دو ونتر كانت تبالغ في ملاطفتي على غير عادتها. لا شك أنها هي التي انتزعت الماستين، ولا شك أنها عميلة للكاردينال.”

راح الدوق يجوب الغرفة ذهابًا وإيابًا، يفكر في مخرج. أخبره دارتنيان أن الحفلة الملكية في باريس ستقام بعد خمسة أيام فقط، وأن غضب الملك سيكون شديدًا حين يكتشف فقدان الماستين، وستكون مؤامرة الكاردينال قد نجحت. توقف الدوق فجأة وهتف بأمل وحماسة:
“خمسة أيام تكفينا! وجدت الحل.”

خطة استعادة الماسات

علم الدوق أن ميلادي دو ونتر لا تزال في إنجلترا، فأصدر أمرًا بمنع أي سفينة من الإبحار إلى فرنسا. ثم استدعى أمهر صائغ مجوهرات، وأراه الوشاح، ووعده بمكافأة كبيرة إذا تمكن من صنع ماستين تشبهان تمامًا الماسات الأخرى، في غضون يومين فقط، بحيث لا يستطيع أحد تمييزهما عن الماسات الأصلية. وافق الصائغ وخرج مسرعًا ليبدأ مهمته.

بعد يومين، كانت الماستان الجديدتان في يد الدوق، فتفحصهما بعناية، وكذلك فعل دارتنيان. كان كلاهما مذهولًا من دقة صنع الماستين، إذ كان يستحيل على أي شخص اكتشاف أنهما ليستا من المجموعة الأصلية. الآن، أصبح بإمكان دارتنيان العودة إلى فرنسا مطمئن البال.

دارتنيان في طريق العودة إلى فرنسا

غادر دارتنيان ميناء دوفر على متن سفينة سريعة. وخلال رحلته، لاحظ أن ميلادي دو ونتر على متن إحدى السفن الممنوعة من الإبحار بناءً على أمر الدوق. وما إن عبر القنال الإنجليزي حتى انطلق إلى باريس بأقصى سرعة.

الحفلة الملكية

كانت الحفلة الملكية حديث الناس في باريس، حيث بُذلت جهود كبيرة في الإعداد لها. امتلأ القصر بالأزهار وآلاف الشموع. وعندما أطل الملك، دوت قاعة الاحتفال بالهتاف. بعد لحظات، دخلت الملكة بقامتها الرشيقة، لكنها لم تكن ترتدي وشاح الماسات.

كان الكاردينال يراقب القاعة من وراء ستارة، وارتسمت على شفتيه ابتسامة انتصار. سرعان ما لفت انتباه الملك إلى غياب الوشاح.

مواجهة الملكة والكاردينال

قال الملك بلهجة حازمة:
“لماذا لم ترتدي وشاح الماسات، يا سيدتي؟”

تلفتت الملكة حولها فرأت الكاردينال، ثم أجابت:
“خشيت عليه، يا مولاي، وسط هذه الجموع. سأرسل الآن في طلبه.”

جلست الملكة في قاعة مجاورة، ومعها بعض وصيفاتها، في انتظار الوشاح. انتهز الكاردينال الفرصة وقدم للملك علبة تحتوي على الماستين اللتين سرقتهما ميلادي دو ونتر من بكنغهام. قال الكاردينال بلهجة خبيثة:
“ألم تسأل الملكة، يا مولاي، عن هاتين الماستين؟”

لكن سرعان ما تحول انتصاره إلى غضب شديد عندما أطلت الملكة مرفوعة الرأس، مرتدية وشاح الماسات الكامل باثنتي عشرة ماسة.

دهشة الملك وارتباك الكاردينال

بدا الارتباك على وجه الملك وهو ينظر إلى الماستين اللتين قدمهما له الكاردينال، وقال:
“ما معنى هذا؟”

راح الكاردينال يفكر سريعًا في مخرج، ثم قال:
“أردت أن أقدم هاتين الماستين هدية لجلالتها، ولكني لم أجرؤ على تقديمها لها بنفسي، فلجأت إلى هذه الطريقة.”

ابتسمت الملكة ابتسامة تعبر عن معرفتها بمكيدة الكاردينال وقالت:
“عليّ واجب الشكر، يا نيافة الكاردينال. أحسب أنك بذلت للحصول على هاتين الماستين قدر ما بذل الملك للحصول على سائر الماسات.”

انتصار الملكة وتقدير دارتنيان

كان دارتنيان سعيدًا وهو يشاهد انتصار الملكة على خصمها. ولم يكن أحد في تلك القاعة المزدحمة، غيره والملكة والكاردينال، قد فهم حقيقة ما حدث ذلك اليوم.

بعد انتهاء الحفلة، استدعت الملكة دارتنيان وقدمت له خاتمًا ماسياً هدية، وشكرته على مساعدته. شعر دارتنيان بالسعادة لأنه ساعد الملكة في واحدة من أصعب أوقاتها. كما أسعده أنه أصبح مقربًا من الملك ومن السيد دو تريفيل، إلى جانب كسبه صداقة ثلاثة رجال شجعان، هم آتوس، بورتوس، وأراميس. وكان واثقًا أن الوقت لن يطول حتى يصبح فارسًا مثلهم.

معرض الصور (قصة الفرسان الثلاثة)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى