أخبر الوالد أسرته ليلة يوم الخميس، أنه سيصحبهم في الغد، أي في يوم الجمعة، في نزهة خلوية، فابتهجوا جميعا.
وفي صباح يوم الجمعة استعدوا للخروج، وسر سامح كثيرا عندما علم أنهم سيذهبون إلى الحديقة العامة، حيث يمارس هوايته في صيد الفراشات.
عندما خرجوا من البيت، ركبوا سيارة الأسرة، وانطلق بها والدهم في شوارع المدينة، فلاحظوا أن الشوارع هادئة، وخالية من الازدحام.
فقال سامح: إن اليوم هو يوم الجمعة، يوم الراحة الأسبوعية.
وصلت السيارة إلى الحديقة، وقطع والدهم تذاكر الدخول، فلما دخلوا إلى الحدي-قة، وجدوا كأنما فرشت أرضها ببساط أخضر، وقامت على جانبيها الأشجار عليها الأزهار بألوانها المختلفة، وشكلها البديع.
يوم العائلة في الحديقة ومحاولات سامح لصيد الفراشات
في جانب هادئ من الحديقة، جلس أفراد الأسرة تحت ظل شجرة وارفة، وحمل سامح آلة صيد الفراشات في يده، وراح يبحث عن الفراشات هنا وهناك، حتى إذا رآها جرى خلفها يحاول صيدها.
وكثيرا ما كانت الفراشات تراوغ سامحا حتى يقع على الأرض، وتفلت الفراشات من مصيدته، فتضحك عليه شقيقته إيمان وتقول: يا لك من صياد ماهر!
وعلى حين فجأة، رأى سامح طائرا جميل الشكل، يقف فوق الزرع الأخضر، ويتحرك في خفة ونشاط، وعلى رأسه تاج من الريش كأنه أمير الطيور. فاقترب منه في حذر، وظن أنه يستطيع أن يصيده بآلته التي يصيد بها الفراشات.
ظهور الهدهد البديع وحواره مع والده
ولكن الطائر عندما قفز سامح نحوه، كان أسرع منه في الهرب، فسقط سامح على الأرض، وإيمان ووالده يضحكان عليه.
وجاء والده يساعده على النهوض فقال سامح: أرأيت يا أبي هذا الطائر الجميل؟
قال والده: هذا هو الهدهد، الذي حمل رسالة نبي الله سليمان عليه السلام إلى ملكة سبأ في اليمن، بعدما قص عليه ما رآه في بلادها.
قال سامح مندهشا: سبق لي أن سمعت عن هذه القصة، ولكن ما أجمل الهدهد يا أبي!
قال والده: خلق الله سبحانه وتعالى الجمال في كل شيء. خلقه في الطيور، وفي الثمار والأزهار على الشجر، وفي الأراضي والصحارى والجبال، وفي الحشرات والحيوان والإنسان، وفي كل ما خلق وأبدع يا بني. والبديع اسم من أسماء الله الحسنى.
شرح معنى اسم الله البديع في مخلوقاته
قال سامح: وهل كل هذه الألوان الجميلة والأشكال البديعة، من صنع الله يا أبي؟
قال والده: نعم، وكلما نظرنا إلى أي شيء من خلق الله، وجدنا إبداعه فيه بلا حدود. فالثمرة مثلا قبل أن تنضج يكون لونها أخضر وطعمها مرا، فإذا نضجت تغير لونها وطاب طعمها.
وإذا نظرنا إلى الأزهار نجد عالما عجيبا من الألوان، فكل زهرة لها لون، وكل لون له خاصية مختلفة من زهرة إلى أخرى. واللون الواحد له مئات الدرجات، وكل هذا تم بدقة وإبداع يشهد للخالق سبحانه وتعالى بأنه هو بديع السموات والأرض.
وإذا نظرنا إلى البشر، نجد أنهم يشتركون في الشكل العام، ولكن لكل منهم طباع مختلفة، ولكل منهم ما يميزه عن غيره، فلا نجد إنسانا طبق الأصل مثل إنسان آخر. وهكذا نرى بديع صنع الله تبارك وتعالى.
والله سبحانه وتعالى خلق الجمال في الكون، فالنهار فيه جمال، والليل فيه جمال، وكل ما خلق الله فيه جمال. وقد أبدع الله في كل ما خلق، فاستحق اسمه «البديع».
وفجأة مرت أمامهما فراشة جميلة، فقال سامح: والفراشات الجميلة أيضا.
وجرى خلفها وهو يردد: عفوا يا أبي، سأعود إليك بعد أن أصيد هذه الفراشة، فأنت تعلم أنها هوايتي المفضلة.





