قصة الشوارب الزجاجية

قصة الشوارب الزجاجية تروي مغامرة الأمير شاليش مع شواربه الغريبة وتعلم الأطفال دروسًا عن الثقة والإخلاص بطريقة مشوقة ومليئة بالمفاجآت.
جدول المحتويات

كان الأمير شاليش معروفًا في مملكته بشاربه الكبير والمبهر، الذي كان يعتبره أعظم شارب في العالم. كان فخورًا جدًا بشاربه الذي طالما نال إعجاب الناس وهتافهم، لدرجة أنه كان يقول: “في سبيل الشوارب تهون المتاعب!” ولكن مع مرور الوقت، بدأ شارب الأمير يزداد صلابة وثقلاً، حتى لم يعد يستطيع النوم إلا مستلقيًا على ظهره، وكان من الصعب عليه دخول الأبواب إلا بجانبه.

في يوم من الأيام، استيقظ الأمير شاليش وشعر بأن رأسه ثقيل جدًا. ظن في البداية أنه مريض، لكنه اكتشف أن السبب هو شواربه الثقيلة، التي أصبحت قاسية كخيوط من الجليد. وقف أمام المرآة مذعورًا، وحاول تحريك شعرة واحدة، لكنها انكسرت وأصدرت صوتًا حادًا. لم يستطع الأمير رفع رأسه إلا إذا أسند شواربه بكلتا يديه، فجلس حزينًا وهو يرى دموعه تتساقط.

استدعى الأمير وزيره ليبحث معه عن حل لهذه المشكلة الكبيرة. وبعد تفكير طويل، اقترح الوزير تعيين مجموعة من الصبيان ليكونوا حملةً لشوارب الأمير، حيث يتناوب صبيان في كل مرة على حمل الشوارب ودعمها. عمل الأمير بنصيحة الوزير، ولكن هذا الحل جلب مشاكل جديدة؛ أصبح الأمير يخشى أن يصطدم بشيء أو أن يحضن أحدًا، ولم يعد يستطيع الأكل أو الكلام دون مساعدة.

ذات مساء، وبينما كان الأمير جالسًا وحيدًا على شرفة قصره، جاءت حمامة وحطت على طرف شاربه. حاول أن يبعدها، لكنه لم يستطع الوصول إليها، فأخذ عصًا وضرب الحمامة، لكنه أصاب شواربه فتحطمت كما يتحطم الزجاج. شعر الأمير بصدمة كبيرة، ونام ليلته حائرًا.

في اليوم التالي، استيقظ الأمير ليجد جموعًا من الناس في ساحة القصر. ظن أنهم جاءوا للسخرية منه بعدما سمعوا بما حدث. اقترح الوزير على الأمير أن يصنع شوارب اصطناعية أو يطرد الناس، لكن الأمير رفض وقرر مواجهة الحقيقة. فتح الباب للناس، الذين جاءوا ليعيدوا له شعرات شواربه، مؤكدين أن كلمته تكفيهم كضمانة.

عاد شارب الأمير للنمو بشكل طبيعي بعد هذه الحادثة، لكنه تعلم درسًا مهمًا؛ أن الثقة لا تأتي من مظاهر خارجية، بل من كلمته الصادقة والوفاء بوعده للناس.

قصة الشوارب الزجاجية مكتوبة

يحكى أنه كان للأمير شاليش، أمير بلاد هندريش، شوارب عظيمة مفتولة. كان يقضي معظم وقته في برمها، يتأملها، ويعالجها بالزيوت والدهون. وفي يوم من الأيام، استدعى الأمير شاليش مستشاريه وقال لهم: “أريد أن يعرف كل رجل في إمارة هندريش ما للشوارب من فضل. فبماذا تشيرون؟”

قال واحد منهم: “أشير، يا سيدي، أن نحتفل في العام بيوم نسميه يوم الشوارب!” وقال آخر: “أنا أشير، يا سيدي، أن نرصد جائزة سنوية ثمينة لصاحب أجمل قصيدة في فضل الشوارب!” وقال ثالث: “أنا أشير، يا سيدي، أن تصدر أمرًا بأن يطلق كل رجل من رجال هندريش شواربه، فتكون الشوارب للرجال علامة يعرفون بها!”

ومع أن الأمير شاليش أعجب بالرأيين الأولين، إلا أنه استصوب الرأي الثالث، لأن فائدته تصيب رجال هندريش كلهم. فأخذ به، وأصدر أمرًا بأن يطلق كل ذكر بلغ الثامنة عشرة من عمره شواربه.

تنفيذ الأمر واختيار الوزير

نفذ ذكور إمارة هندريش ما أمر به أميرهم، وبدأ الأمير سعيدًا بما تم. وفي أحد الأيام، خرج منادي الأمير يطوف في شوارع هندريش وينادي قائلًا: “الأمير شاليش سيعين وزيرًا يستشيره في شؤون الإمارة. أرسلوا يا أبناء هندريش، مندوبين عنكم يختار أميرنا واحدًا منهم.”

أخذ الأمير يستقبل الرجال الذين وفدوا من أنحاء الإمارة واحدًا بعد الآخر، لكنه كان يردهم، إلا ثلاثة كانوا ذوي شوارب عظيمة أعظم من شوارب كل من وفد عليه. وحار الأمير أيهم يختار، فأمرهم أن يصطفوا ثلاثتهم أمامه، واقترب منهم، وأخذ يتأمل شواربهم، ويتحسسها، ويشد هذا الجانب منها أو ذاك. أخيرًا، جاء بمسطرة وقاس شوارب الأول، ثم شوارب الثاني، ثم شوارب الثالث.

ورأى أن شوارب الثاني منهم أكثف من شوارب الآخرين وأضخم، فوضع يده على كتفه وقال له: “أنت وزيري!”

اقتراح الوزير الجديد

في اليوم التالي، استدعى الأمير شاليش وزيره وقال له: “أريد أن يعرف كل بيت من بيوت هندريش أن في شوارب الأمير شاليش ضمانة لهم على كل ما يصدر عنا من أقوال وأعمال! فبماذا تشير؟”

فكر الوزير وفكر، لكن لم يخرج بشيء. خاف، وقال: “يا سيدي، هذا أمر خطير، أجيبك عليه في الغد!”

في الصباح، بكر الوزير في الحضور، وقال: “وجدت حلاً مناسبًا! أقترح، يا سيدي، أن تذيل أوامرك وبياناتك ورسائلك وعهودك، لا بتوقيعك، بل بشعرات شواربك! وهكذا تدخل ضمانتك الأكيدة كل بيت في بلاد هندريش.”

رأى الأمير في كلام الوزير مشورة رائعة. كانت الأوراق الصادرة عن دار الإمارة قليلة، فبدا الأمير مطمئنًا، وقال: “لا مانع من أن أضحي ببضع شعرات من شواربي ليطمئن الناس وتدخل ضمانتي الأكيدة كل بيت!”

تأثير القرار على الإمارة

كان لذلك القرار أثر بالغ في حياة إمارة هندريش. فقد اطمأن الناس بعد أن أعطاهم الأمير ضمانته الأكيدة، ولم يعد أحد يجرؤ على أن يتلاعب بأشغال البلد أو مصالح الناس. فكان أن ازدهرت الأعمال ازدهارًا عظيمًا، وكثرت الأوراق التي تحتاج إلى ضمانة الأمير كثرة بالغة. وكانت تلك الأوراق تخرج، بطبيعة الحال، مذيلة بشعرات من شواربه.

اختفاء شوارب الأمير

أخذت شوارب الأمير تنقص شيئًا فشيئًا، وبمرور الأيام بات ذلك مصدر قلق له. صار يقضي جانبًا من وقته أمام المرآة يتأمل بشعور من الجزع شواربه التي تخف من هنا وهناك، وتنقص، وتتشوه.

أحس الأمير شاليش أن شواربه في خطر شديد. قال في نفسه: “أخشى، إذا ذهبت شواربي، أن يتخلى الناس عن شواربهم أو يهملوها، وأن تقل الأمانة أو تضيع هيبة الحكم. إن مصلحة بلاد هندريش تقضي لذلك، أن أحافظ على شواربي!” وسرعان ما وجد الحل.

استدعى وزيره، وقال له: “إن لك شوارب سليمة عظيمة. وقد قررت أن تذيل أوراق الإمارة منذ اليوم بشعرات من شواربك!”

بدا الجزع على الوزير، وأراد أن يقول شيئًا، لكنه أدرك أن الأمير شاليش قد اتخذ قراره، فلم ينطق بحرف.

أزمة أوراق الإمارة

أعلن الأمير شاليش على أبناء هندريش أن أوراق الإمارة ستذيل بعد اليوم بشعرات من شوارب الوزير. فعم الجزع بين الناس، وأخذوا يتحاورون ويتشاورون. احتشدوا في الساحات والطرقات وتجمعوا في الأروقة والقاعات. صاح واحد: “لا ثقة لنا إلا بشوارب الأمير شاليش!” وصاح آخر: “لا نرضى عن شوارب الأمير بديلاً، لا شوارب الوزير ولا شوارب سواه!”

امتنع الناس عن زيارة دار الإمارة، لئلا يأخذوا عهدًا مضمونًا بشعرة من شوارب الوزير. وبدا كأن بلاد هندريش كلها قد جمدت، فلا أعمال، ولا أشغال، ولا عهود، ولا وعود.

الحل العشبي السحري

لجأ الأمير شاليش إلى وزيره مرة أخرى. قال له: “أخرجني من هذه الورطة. فبلاد هندريش كلها في اضطراب!” فكر الوزير طويلًا ثم قال: “أرى أن تذهب، يا سيدي، إلى شيخ الأعشاب، وتطلب منه دهونًا عشبيًا لتنمية الشوارب، فأعشاب ذلك الشيخ، كما يقال، عجيبة!”

تنكر الأمير والوزير في ثياب تاجرين، وركبا فرسين، وانطلقا إلى شيخ الأعشاب. استقبلهما الشيخ بترحاب، لكن الأمير لم يثق به، فقد رأى شواربه هزيلة. ورأى أن له مساعدًا فتيًا ذا شوارب عظيمة، فوثق بذلك المساعد، وطلب أن يعد هو الدهون العشبي.

كان المساعد قد أخذ العلم كله عن شيخه، وكان أمينًا كريمًا فهيمًا يعرف عمله. ولم يكن فيه إلا علة واحدة، فإنه كثيرًا ما كان يترك عمله، ويذهب إلى المرآة فيقف أمامها، ويتسلى بتأمل شواربه وفتلها وتدليكها.

نتيجة غير متوقعة

وهذا ما حدث عندما كان يعد الدهون العشبي الذي كان الأمير في انتظاره. فقد ترك عمله وذهب إلى المرآة يتأمل شواربه. وعندما عاد إلى قدر الدواء، كان قد نسي ما أضاف إلى الخلطة من أعشاب، وما كان عليه أن يضيف. فأضاف نسبة مضاعفة من بعض الأعشاب، وأنقص من أعشاب أخرى.

عاد الأمير شاليش إلى قصره فرحًا وذهب إلى النوم مبكرًا، فقد وعده شيخ الأعشاب أنه سيرى شواربه في صباح اليوم التالي على هيئة جديدة. وكانت شواربه في صباح اليوم التالي، فعلاً، على هيئة جديدة فقد امتدت طولًا وعرضًا، وملأت وجهه، وبدت من الجانبين كخنجرين طويلين محدبين مرفوعين. أحس الأمير بفرح عظيم وخرج إلى شرفة قصره، وأعلن على الناس عودته عن قراره، وهتف: “يا أهالي هندريش، أن أبلغكم أن أوراق الإمارة لن تذيل بعد اليوم إلا بشعرات شوارب الأمير شاليش!”

الفرح يتحول إلى قلق

هكذا عاد الناس إلى دار الإمارة. وعادت هندريش إلى الازدهار، وصارت الأوراق كلها تخرج مضمونة بشعرات الأمير القليلة العريضة. فازداد الناس ثقة بها واعتزازًا.

لكن الأمير كان يستيقظ كل يوم صباحًا، فيجد أن شواربه تزداد طولًا وعرضًا وارتفاعًا، حتى بدا كأن في وجهه ذراعين مرفوعتين. وبدأ القلق يساوره…

الأمير وشواربه

كان في شواربه بعض الصلابة. وكانت تلك الصلابة تزداد يومًا بعد يوم، فلم يعد قادرًا على أن ينام إلا مستلقيًا على ظهره. وكان عليه، إذا أراد أن يدخل بابًا، أن يدخله مجانبة. من ناحية أخرى، كان يعرف أن له أعظم شوارب في الدنيا. وكان يسمع هتاف الناس إعجابًا، فيقول في نفسه: “في سبيل الشوارب تهون المتاعب!”

استيقظ الأمير شاليش يومًا، فأحس أن رأسه ثقيل. وظن أول الأمر أنه عليل، لكنه اكتشف أن شواربه هي الثقيلة، وأنها قاسية كخيوط من جليد. قام إلى المرآة، ووقف أمامها جزعًا. رأى شواربه بَرَّاقة كأنها من زجاج، فأمسك شعرة بارزة من شعراتها، وحاول أن يحركها فانقصفت، وصدر عن انقصافها صوت حاد.

لم يكن يقدر، لثقل شواربه، أن يرفع رأسه، إلا إذا أسند شواربه بكلتا يديه. فجلس يتأمل نفسه، وقد سالت الدموع من عينيه.

حيرة الأمير

استدعى الأمير شاليش وزيره، وأطلعه على ما حل به. قال له: “أتُرى هذه المصيبة التي حلّت بي؟” فكر الوزير طويلًا، هذه المرة أيضًا، وقال: “يا سيدي، أقترح أن تُعيِّن عددًا من الصبيان حَمَلةً للشوارب يَسْنُدونها، على أن يتناوب على العمل في كل مرة صبيان.” فعمل الأمير بمشورة وزيره.

وكانت تلك مصيبة، لكنها لم تكن المصيبة الوحيدة. فقد كان الأمير يخاف أن يصدم بابًا أو شباكًا، ويخاف أن يحتضن أهله وأصحابه. ولا يستطيع أن يأكل أو يتكلم إلا بمساعدة حملة الشوارب.

ذات مساء، كان الأمير شاليش يجلس وحده على شرفة قصره، ويتأمل الفضاء الممتد أمامه، وقد أسند شواربه إلى حمالة مخصوصة مبطنة بالحرير. وبينما هو سارح بأفكاره، حطت حمامة على طرف شاربه.

نهاية الشوارب

أراد أن يُبعد الحمامة، لكن يده لم تصل إليها. فأمسك عصًا كانت قريبة منه، وضرب الحمامة بقوة عظيمة. وكان أن أصابت العصا شواربه، فتحطمت كما يتحطم إناء زجاجي، وسقطت على الأرض شظايا. ذُعر الأمير شاليش ذعرًا شديدًا، فصرف حملة الشوارب إلى منازلهم، ونام ليلته تلك لا يعرف كيف يواجه في غده أبناء هَنْدَريش.

استيقظ الأمير شاليش في صباح اليوم التالي، ونظر من شباكه فرأى جموعًا من الناس تملأ ساحة القصر والطرق المحيطة. مد يده إلى وجهه الخالي من الشوارب، وأحس بخجل شديد وبحزن أكيد. وقال في نفسه: “هؤلاء الناس سمعوا بما حلّ بي، والآن أتوا ليتفرجوا عليّ ويتأكدوا بأنفسهم مما سمعوا!”

قال له الوزير: “إذا شئت، يا سيدي، أمرت لك بشوارب اصطناعية رائعة. وإذا شئت أرسلت الجند وطردت الناس!” قال شاليش: “بل افتح لهم الباب! لقد أعطيتهم شعرات من شواربي، ولا يصح الآن أن أكذب عليهم أو أردهم!”

عودة الثقة

بدأ الناس يتوافدون على دار الإمارة. وكان كل واحد منهم يحمل في يده منديلًا من حرير، فيقترب من الأمير، ويفتح المنديل ويُخرج منه شعرة يقدمها إليه، ويقول: “يا سيدي شاليش، لا نحتاج إلى شعرة من شواربك ضمانةً. كلمة منك تكفي!”

وهكذا ظل الناس طوال النهار وجانبًا من الليل يتوافدون على الأمير واحدًا بعد واحد، يعيدون له شعرات شواربه. وبدا كأن الإمارة كلها قد اجتمعت هناك. وكان الأمير شاليش أسعد الناس.

نمت شوارب الأمير شاليش نموًا طبيعيًا هذه المرة، وعادت إلى سابق عهدها. لكن الأمير لم يعد يقدم شعرات شواربه إلى أبناء هَنْدَريش ضمانةً، صارت كلمته ضمانتهم. ولم يعد يختار مستشاريه، أو ينظر إلى الناس، من خلال طول شواربهم وعرضها.

معرض الصور (قصة الشوارب الزجاجية)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى