قصة الجزيرتان

قصة الجزيرتان تدور حول مسابقة شعر ملكية تتحول لصراع بين جزيرتين، مع قصة حب وتضحية تجمع بين سالم وسلمى وسط المغامرات.
جدول المحتويات

في مملكة جميلة تتألف من جزيرتين، عاش الملك جودان، الذي كان يحب أن تتمتع فتيات المملكة بشعر طويل وجميل. قرر الملك إجراء مسابقة بين الفتيات لاختيار أجمل شعر، ووعد بتقديم مشط ذهبي مرصع بالجواهر للفائزة. اختارت جزيرة “الشرابة الأمامية” فتاة فاتنة ذات شعر ذهبي تُدعى سلمى، بينما اختارت جزيرة “البوزين” فتاة ذات شعر أسود جميل تُدعى لولو.

في يوم المسابقة، تجمع موكبا الفتاتين أمام القصر الملكي، وبدأ التوتر بين أهالي الجزيرتين حول من سيدخل القصر أولًا. وسط هذا الجدل، رأى شاب من جزيرة البوزين يُدعى سالم، سلمى وأُعجب بها بشدة. عندما زادت الفوضى، اقترح سالم أن تدخل الفتاتان معًا، ولكن اقتراحه أُسيء فهمه وأثار غضب الحشود، مما أدى إلى شجار عنيف بين الجانبين.

نتيجة لهذا الشجار، قرر أهل كل جزيرة الانفصال عن الأخرى تمامًا، وأصبحت جزيرة “الشرابة الأمامية” معروفة بطواقيها ذات الشرابة الأمامية، بينما أصبحت جزيرة “البوزين” معروفة بأحذيتها ذات البوزين.

على الرغم من الانقسام، لم يستطع سالم نسيان سلمى. فظل يذهب إلى شاطئ البحر كل يوم، حيث التقى بالملك جودان. أصبح سالم والملك صديقين، وقضيا الوقت معًا في صيد السمك. وفي يوم من الأيام، قرر سالم زيارة جزيرة الشرابة الأمامية سرًا. هناك، عمل بستانيًا في منزل سلمى، حيث بدأت قصة حب تنمو بينهما.

لكن أهل الجزيرة اكتشفوا أن سالم من جزيرة البوزين، واعتبروه جاسوسًا. تجمعوا حول منزل سلمى للقبض عليه، لكن سلمى أنقذته بإعطائه شعرها الذهبي الطويل وثيابها، ليهرب متنكرًا. عاد سالم إلى جزيرته، ولكن سُرعان ما علم أهل البوزين بعودته وحاولوا القبض عليه. هرب سالم إلى شاطئ البحر حيث وجد الملك جودان، واستمر في صيد السمك معه.

مع مرور السنين، بقي سالم يذكر سلمى ويحتفظ بشعرها الذهبي كتذكار. وفي قلبه، ظل يتمنى لو أن العالم لم ينقسم بين جزيرتين، وأنه كان بالإمكان أن يعيش الجميع معًا في سلام وحب.

قصة الجزيرتان مكتوبة

كان الملك جودان، آخر ملوك مملكة الجزيرتين، يحب أن يكون لفتيات المملكة الصغيرات شعر طويل وجميل. وفي أحد الأيام خطرت له فكرة كانت لها أثر خطير في تاريخ المملكة. فقد رأى أن يجري مسابقة بين ذوات الشعر الطويل من فتيات مملكته، وأن يقدم مشطًا ذهبيًا مرصعًا بالجواهر لصاحبة أجمل شعر منهن.

فرح أهل الجزيرتين فرحًا عظيمًا، وكان كل فريق يظن أن المشط الذهبي المرصع بالجواهر سيكون من نصيب فتاة من فتيات جزيرته. واختار أهل الجزيرة التي عرفت فيما بعد باسم جزيرة الشرابة الأمامية فتاة فاتنة ذهبية الشعر اسمها سلمى، واختار أهل الجزيرة التي عرفت فيما بعد باسم جزيرة البوزين، فتاة فاتنة سوداء الشعر اسمها لولو.

في اليوم الموعود، وصل موكب جزيرة الشرابة الأمامية وموكب جزيرة البوزين أمام باب القصر الملكي في وقت واحد. كانت سلمى تركب عربة مكشوفة ذهبية اللون يحيط بها فرسان موكبها، وكانت لولو تركب عربة مكشوفة سوداء اللون يحيط بها فرسان موكبها. وكان شعر كل من الفتاتين طويلًا ساحرًا يبرق في الشمس كأنه منجم ماس.

التوتر أمام القصر

لكن وقع أمام القصر حادث مؤسف، فقد أراد موكب جزيرة الشرابة الأمامية أن يدخل من باب القصر أولًا، فهو الموكب الضيف، وأراد موكب جزيرة البوزين أن يدخل أولًا، فهو موكب أصحاب الجزيرة. وكلما تحرك موكب، دفعه الموكب الآخر ومنعه. وقف فتى أسمر لطيف من فتيان جزيرة البوزين اسمه سالم، يتأمل بإعجاب شديد مرشحة جزيرة الشرابة الأمامية، سلمى، ويرى أنها تستحق الفوز بالمشط الذهبي المرصع بالجواهر، وبدا له أن سلمى لمحت نظراته، وأنها نظرت إليه بعينيها الزرقاوين المضيئتين.

عندما احتدم الجدل بين رجال الموكبين وعلا الصياح، خاف سالم أن تصاب سلمى بمكروه. وخطر بباله فكرة كانت لها أثر غير ما ينتظر. مال على رجل كان إلى جانبه، وقال: “فلتدخل سلمى ولولو معًا!” مال الرجل على من كان بجانبه، وقال له: “يقول الفتى: فلتدخل سلمى ولولو معًا!” وصار كل واحد يميل على من بجانبه وينقل إليه ما سمع عن جاره. رأى سالم على وجوه الناس، وهم ينقلون ما يسمعون، استياءً شديدًا، فعجب ولم يفهم سر ذلك الاستياء إلا عندما مال عليه أخيرًا رجل منهم وقال له: “يقول الفتى: احذروا أن تدخل سلمى ولولو معًا!”

غضب رجال الموكبين وعلت أصواتهم، ونزلوا عن أفراسهم وتشابكوا وتضاربوا. وعندما رأى رجال الملك جودان ما يجري وكانوا خليطًا من أهل الجزيرتين، انقسموا هم أيضًا إلى فريقين وتشابكوا وتضاربوا. بدا كأن الرجال من الفريقين قد نسوا سلمى ولولو، فقد وقفت الفتاتان خائفتين حائرتين لا تعرفان ما تفعلان وأين تذهبان.

الانقسام بين الجزيرتين

في صباح اليوم التالي، تداعى سكان جزيرة الشرابة الأمامية إلى اجتماع في ساحة الجزيرة. صاح واحد منهم: “حاولوا أن يدخلوا القصر قبلنا! هذه إهانة خطيرة!” وصاح آخر: “لا إهانات بعد اليوم!” وصاح آخر: “لن نعيش معهم في مملكة واحدة!” بعد جدال استمر طوال النهار، قرر أهل الجزيرة أن يقطعوا كل صلة لهم بالجزيرة الأخرى. ورأوا أن يصنعوا طواقٍ ذات شرابة أمامية تميزهم. كانت الشرابات طويلة وعريضة تغطي جانبًا من وجوههم، وتكاد تحجب أنظارهم. لكنهم رأوا أن من واجبهم أن يميزوا أنفسهم عن أهل الجزيرة المجاورة. وعرفت جزيرتهم منذ ذلك اليوم باسم جزيرة الشرابة الأمامية.

وفي ذلك اليوم أيضًا، تداعى سكان جزيرة البوزين إلى اجتماع في ساحة جزيرتهم. صاح واحد منهم: “حاولوا أن يدخلوا القصر قبلنا! هذه إهانة خطيرة!” وصاح آخر: “لا إهانات بعد اليوم!” وصاح آخر: “لن نعيش معهم في مملكة واحدة!”

الانقسام بين الجزيرتين

بعد جدال استمر أيضًا طوال النهار، قرر أهل الجزيرة أن يقطعوا كل صلة لهم بالجزيرة الأخرى. ورأوا أن يصنعوا أحذية ذات بوزين، أمامي وخلفي، تميزهم. كانت الأحذية ذات البوزين تعيق سيرهم، وتبدو في أقدامهم أشبه بزوارق صغيرة. لكنهم رأوا أن من واجبهم أن يميزوا أنفسهم عن أهل الجزيرة المجاورة. وعرفت جزيرتهم منذ ذلك اليوم باسم جزيرة البوزين.

حزن سالم حزنًا شديدًا. كان يريد أن يرى سلمى، لكن لم يعد أحد يذهب إلى جزيرة سلمى ولا يأتي منها أحد. كان يخرج كل يوم إلى شاطئ البحر، يرمي صنارته في الماء، ويتأمل شاطئ جزيرة الشرابة الأمامية القريب.

رأى في أحد الأيام رجلًا يرمي هو أيضًا صنارته، ولا يحسن الصيد، اقترب منه، فإذا هو الملك جودان. قال الملك: “أشغالي قليلة هذه الأيام، فكل فريق صار له أمير بل أمراء. أنا أتسلى بصيد السمك!” منذ ذلك اليوم صار سالم يتردد على الملك، ويصطاد معه السمك، ولم يطل الوقت حتى صار الملك صيادًا ماهرًا. وكان سالم يحدثه عن سلمى ذات الشعر الذهبي والعينين الزرقاوين المضيئتين.

سالم يزور الجزيرة الأخرى

في يوم يغشاه الضباب استيقظ سالم فجرًا، قبل أهالي الجزيرة كلهم. ركب قاربًا صغيرًا واتجه به، مستترًا بالشباب، صوب جزيرة الشرابة الأمامية. لكنه قبل أن يبتعد، سمع صوت الملك جودان يناديه. التفت إلى الوراء، فرأى الملك يجري صوب الشاطئ، ويُلوح له بيديه مودعًا، ويقول له: “أنا في انتظارك، لنصطاد السمك معًا!”

تابع سالم انطلاقه إلى جزيرة الشرابة الأمامية، ونزل عند جانب صخري من شاطئها. خلع طاقيته ذات الشرابة الخلفية وحذاءه ذا البوزين، ولفهما في صرة خبأها في زاوية القارب تحت بعض الألواح الخشبية. ثم أخفى قاربه الصغير بين الصخور، ومشى إلى قلب الجزيرة.

بدا سالم غريب الهيئة. فقد كان حافيًا عاري الرأس، لكن لم يخطر ببال أحد من أهالي جزيرة الشرابة الأمامية أن ذاك الفتى من غير جزيرتهم. فقد ظنوه فتى فقيرًا لا حذاء عنده ولا طاقية.

لقاء سلمى وسالم

وقف سالم أمام دكان يتأمل في عجب الطواقي ذات الشرابة الأمامية والأحذية ذات البوز الواحد. ورآه صاحب الدكان حافيًا عاري الرأس، ينظر إلى الدكان بعينين واسعتين، فعرض عليه أن يعمل في بستان بيته، ثم قدم له حذاءً وطاقية، وأخذه في آخر النهار معه إلى منزله، وأنزله في كوخ البستاني.

كانت الدنيا مساءً. التفت سالم حوله فرأى أزهارًا وأشجارًا لم يرَ لها مثيلًا من قبل. فأحب ذلك المنزل، وتمنى لو أنه يعيش في جزيرة الشرابة الأمامية طوال عمره. ونام يحلم بسلمى.

في صباح اليوم التالي، استيقظت ابنة صاحب المنزل، وخرجت إلى بستانها. كانت ذات شعر ذهبي طويل وعينين زرقاوين مضيئتين. كانت هي سلمى! رأت سلمى البستاني الجديد يخرج من كوخه. فبدا لها وجهه مألوفًا، ورأته قد برم الطاقية وجعل شرابتها إلى الخلف، على عادته في جزيرته، فابتسمت، وتذكرت أنها رأته أمام قصر الملك في جزيرة البوزين.

تلفت سالم حوله، فرأى سلمى واقفة في طرف البستان تنظر إليه. بدا له، أول الأمر، أنه لا يزال يحلم. ثم اقترب منها، وقال: “أنا البستاني الجديد!” وقفت سلمى لحظة حائرة. ثم قالت: “أنت تلبس الطاقية بالمقلوب!”

البداية الجديدة

أخذت سلمى منذ ذلك اليوم تخرج إلى البستان مبكرة كل صباح. فتعمل هي وسالم في زرع الأزهار والعناية بها، وتستمع إلى أخبار البحر، وجزيرة البوزين، والملك الذي صار بارعًا في صيد السمك. كانت سعيدة جدًا، وكان البستان يزداد جمالًا، يومًا بعد يوم.

عقد الياسمين

في البستان، كانت هناك تعريشة ياسمين تتسلق جدار السور، فتبدو أزهارها البيضاء كأنها لآلئ معلقة. وكان النسيم يمر على تلك التعريشة فيحمل معه إلى سالم وسلمى عطرها الزكي. كان سالم أحيانًا يجمع بعض أزهار الياسمين، وينظمها في عقد يعلقه حول عنق سلمى.

كان فتيان الجوار قد لاحظوا أن سلمى لم تعد تخرج من بستانها، وأنها تقضي أكثر وقتها مع البستاني الصغير، فشعروا بالغيرة والغضب. اجتمعوا ذات مساء في ناحية منزوعة مظلمة، وقال أحدهم: “هذا الفتى سرق منا سلمى!” وقال آخر: “أنا أكرهه!” وقال ثالث: “أنا سأضربه!” وأخذوا يراقبون الفتى ويلاحقونه ويسألون عن أخباره.

ذات يوم، توجه سالم إلى زورقه بين الصخور ليطمئن عليه، ولم يكن يعرف أن الأولاد يلاحقونه. بعد أن تفقد الزورق، عاد إلى منزل سلمى، أما الأولاد فقد فتشوا الزورق ووجدوا الصرة وعرفوا ما فيها.

انكشاف الحقيقة

ذاع في الجزيرة كلها أن البستاني هو من أبناء جزيرة البوزين، وقيل إنه جاء ليتجسس على جزيرة الشرابة الأمامية. وسرعان ما أخذ الناس يتوجهون صوب منزل سلمى ويحيطونه من كل جانب. صاح واحد منهم: “نريد الفتى الشرير!” وصاح آخر: “أمسكوا العدو الخطير!” وتعالى الصياح والصراخ والهتاف، وكانوا جميعًا يرفعون أيديهم وعصيهم مهددين.

كان سالم خائفًا جدًا، لم يصدق أنه هو الفتى الشرير أو العدو الخطير، وكذلك سلمى لم تصدق ذلك. عندما رأى سالم أن الجموع تستعد لاقتحام المنزل، فكر في أن يخرج ويسلم نفسه، لكن سلمى كانت تخاف عليه فمنعته.

بعد حين، انفتح الباب، وكان الظلام قد بدأ يخيم. رأى الناس فتاة ذات شعر ذهبي طويل تخرج من المنزل، وقد لفت رأسها بشال، واتجهت صوب البحر. لم يلتفت الناس إليها، فقد كان همهم أن يمسكوا بسالم. لعلك قد توقعت أن الذي خرج من المنزل هو سالم، وليس سلمى، فقد قصت الفتاة شعرها الذهبي الطويل وأعطته إياه ليتنكر به، وأعطته أيضًا شالها وثوبًا من ثيابها.

الهروب إلى جزيرة البوزين

جرى سالم إلى البحر، ونزع عنه ثياب سلمى وشعرها الذهبي الطويل، وركب قاربه واتجه به إلى جزيرة البوزين. في صباح اليوم التالي، شاع بين الناس أن الفتى الذي تركهم ليعيش في جزيرة الشرابة الأمامية قد عاد. وسرعان ما تجمع الناس حول منزله يصرخون ويرفعون أيديهم وعصيهم مهددين. صاح واحد منهم: “نريد الفتى الشرير!” وصاح آخر: “أمسكوا العدو الخطير!”

تسلل سالم من نافذته، وجرى هاربًا إلى شاطئ البحر، وهناك وجد الملك لا يزال، على عادته كل يوم، يصطاد سمكًا. فوقف سالم إلى جانبه وبدأ يصطاد معه.

السنوات تمر

مرت السنون، وكان سالم يسمع حكايات كثيرة عن جزيرة الشرابة الأمامية، حكايات غير صحيحة. كان يعلم أن ما يسمعه غير صحيح. وكان يخرج كل يوم إلى البحر، فيصطاد سمكًا ويفكر في سلمى وفي شعرها الذهبي الطويل الذي قصته من أجله. وكان إذا عاد إلى منزله فتح خزانته ولمس شعر سلمى المحفوظ فيها.

معرض الصور (قصة الجزيرتان)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى