قصة الأمير السعيد

اكتشف في قصة الأمير السعيد كيف ضحى تمثال الأمير وجواهره لمساعدة الفقراء بمساعدة طائر السنونو. قصة تحمل معاني الإيثار والرحمة للأطفال.
جدول المحتويات

في قديم الزمان، كان هناك أمير شاب عاش حياة مليئة بالرفاهية والسعادة، حتى أن الناس أطلقوا عليه لقب “الأمير السعيد”. لكنه توفي في ريعان شبابه، فحزن أهل المدينة عليه، وقاموا بصنع تمثال له من الرصاص. وضعوا التمثال على عمود عالٍ في وسط المدينة، وزينوه بالذهب الخالص وجواهر ثمينة، حيث كانت عيناه من الفيروز وسيفه مزين بجوهرة حمراء.

في يوم من الأيام، جاء طائر سنونو صغير، كان في طريقه إلى الجنوب حيث الدفء. استراح الطائر فوق تمثال الأمير، وبينما كان يهم بالنوم، شعر بقطرات ماء تسقط عليه. نظر إلى الأعلى ليجد أن الأمير السعيد يبكي. سأل الطائر الأمير عن سبب حزنه، فأخبره الأمير أنه يرى من مكانه العالي معاناة أهل المدينة، الفقراء والجياع، وهو عاجز عن مساعدتهم.

طلب الأمير من السنونو الصغير أن ينزع الجوهرة الحمراء من مقبض سيفه ويهديها إلى امرأة فقيرة تعتني بطفلها المريض. رغم تردد السنونو لرغبته في السفر إلى الجنوب، قرر مساعدة الأمير وأخذ الجوهرة للمرأة. عاد السنونو للأمير، وأخبره أنه نفذ مهمته. لم يمض وقت طويل حتى طلب الأمير من السنونو أن ينزع إحدى عينيه المصنوعة من الفيروز ويهديها لشاب فقير يكافح من أجل الكتابة. مرة أخرى، نفذ السنونو الطلب.

وبعد ذلك، طلب الأمير من السنونو أن يقدم عينه الثانية لفتاة صغيرة فقيرة كانت تحاول بيع الكبريت. رغم أن السنونو كان يعلم أن الأمير سيصبح أعمى، إلا أنه استجاب لطلبه. ومع كل تضحية، أصبح التمثال أكثر فقراً وظلاماً، لكن الأمير لم يهتم، فقد كان سعيداً بمساعدة الناس.

مع مرور الأيام، اشتد البرد، وضعف السنونو الصغير، لكنه بقي مع الأمير حتى لحظاته الأخيرة. وفي النهاية، مات السنونو عند قدمي التمثال، وانكسر قلب الأمير الحزين.

رأى أهل المدينة التمثال في حاله البائس وقرروا إزالته، لكن حملت الملائكة قلب الأمير المكسور وجسد السنونو إلى الجنة، حيث كانا أغلى ما في المدينة.

قصة الأمير السعيد مكتوبة

كان يعيش في قديم الزمان أمير شاب حباه الله بكل ما يشتهي. لم يعرف يوماً الحزن، ولا عرف يوماً البكاء. فدعاه الناس “الأمير السعيد”. لكن جاء يوم مات فيه الأمير، فحزن الناس حزناً عظيماً وصنعوا له تمثالاً من الرصاص يذكرهم به. وقد جُعلت ثياب التمثال من الذهب الخالص، وجعلت العينان من حجارة الفيروز. بدا التمثال شديد الشبه بصاحبه، ولما اطمأن السكان إليه رفعوه فوق عمود نصب في ساحة المدينة ليتمكن أبناؤها كلهم من رؤيته.

طائر السنونو والرحيل

كان الشتاء في بلد ذلك الأمير بارداً جداً، فتهاجر طيور السنونو في الخريف إلى مناطق بعيدة ودافئة. لكن حدث في ذلك العام أن طائر سنونو صغير لم يرحل مع رفاقه الطيور. لقد كان يعشق القصب العالي المحيط بإحدى البحيرات، فتخلف هناك أياماً. أخيراً، وجد نفسه وحيداً فأزمع على الرحيل وودع القصبات التي يحب وطار.

وصل السنونو في تلك الليلة إلى المدينة فتوقف ليستريح، وكان أن استقر فوق قمة عمود التمثال، بين قدمي الأمير! وبينما كان السنونو الصغير يوشك أن ينام، سقطت على رأسه قطرة ماء. رفع عينيه إلى السماء فلم يجد سحباً. ثم سقطت فوقه قطرة أخرى، فأخرى. رفع عينيه ثانية فأدرك أن القطرات لم تكن مطراً بل دموعاً! لقد كان التمثال يدرف الدموع!

حديث السنونو مع التمثال

قال السنونو: “من أنت؟”
أجاب التمثال: “أنا الأمير السعيد.”
فسأل السنونو: “ولم تبكي إذاً؟”
أجاب الأمير: “أبكي لما في مدينتي من مشاهد محزنة. كنت في حياتي أعيش في قصر فلم أرَ أياً من هذه المشاهد، أما الآن فإني أرى من مكاني العالي كل شيء، وأنا لذلك حزين جداً.”

سأل السنونو: “وما الذي تراه؟”
أجاب الأمير: “أرى بيتاً قائماً في شارع فقير بعيد. وفي إحدى غرف البيت، أرى امرأة فقيرة منهمكة في صنع ثوب لإحدى وصيفات الملكة. وللمرأة ولد مريض ينام في سرير مجاور، وليس عند الأم مال تستدعي به طبيباً، ولا عندها شيء تقدمه لابنها الصغير سوى الماء. أظن أن الفتى سيموت. هل لك، أيها السنونو الصغير، أن تنتزع الجوهرة الحمراء من مقبض سيفي وتحملها إلى تلك المرأة؟ أنا لا أقدر على مغادرة هذا المكان فقدماي ملتصقتان بالعمود.”

طلب الأمير السعيد

قال السنونو: “لكني مسافر إلى الجنوب، حيث الدفء. سبقني رفاقي من الطيور، وإذا لم أسرع ضيعت طريقي.”
توسل الأمير إلى الطائر قائلاً: “أرجوك، أيها السنونو الصغير، ابق معي ليلة واحدة وحقق لي طلبي.”
قال السنونو: “ولكني لا أحب الأولاد، بعضهم كان يرميني بالحجارة.”
أجاب الأمير: “هذا الولد مريض جداً. أرجوك، أيها السنونو الصغير.”
قال السنونو: “لا بأس. سأبقى معك ليلة واحدة فقط.”

التضحية من أجل الفقير

وهكذا، انتزع السنونو الجوهرة الحمراء وطار بها. مر في طريقه ببيت كبير حيث كانت وصيفة الملكة تعيش. وسمعها تقول:
“آمل أن يكون ثوبي جاهزاً وقت الحفلة. فتلك الخياطة الكسولة بطيئة جداً، إذا لم تعجل في عملها فلن يكون الثوب جاهزاً إلا بعد فوات الأوان.”

تابع السنونو الصغير طيرانه إلى أن وصل إلى بيت المرأة الفقيرة. كان الولد المريض يتقلب في سريره، أما أمه فقد أنهكها التعب وغلبها النوم فوق طاولة عملها. قفز السنونو عبر النافذة ووضع الجوهرة الحمراء بين يدي المرأة لتراها عندما تستيقظ من نومها، ثم حام فوق الفتى المريض وصفق بجناحيه.

قال الفتى: “ما ألطف الجو الآن! لا بد أن حرارتي العالية قد انخفضت.” ثم نام نوماً هنيئاً.

مهمة جديدة للسنونو

طار السنونو عائداً إلى الأمير السعيد ليخبره بما فعل، ثم قال:
“إنه لأمر غريب، لقد راودني الشعور بالبرد.”
أجاب الأمير: “ذلك لأنك قمت بعمل خير.”

ومع ذلك، كان السنونو لا يزال راغباً في الهجرة إلى البلاد الدافئة حيث ارتحل إخوته وأخواته. فقال الأمير: “لا تذهب الآن، أيها السنونو الصغير، فإني أرى شاباً فقيراً يسكن غرفة باردة لا نار فيها. إنه يحاول الكتابة، لكنه من شدة البرد لا يقوى على الإمساك بالقلم، وليس عنده طعام.”

سأل السنونو قائلاً: “أتريدني أن أنتزع جوهرة أخرى من مقبض سيفك وأحملها إليه؟”
أجاب الأمير: “لم يكن في مقبض السيف إلا جوهرة واحدة. فانتزع إحدى عيني، لأنهما مزروعتان بالفيروز الثمين.”

التضحية بعين الأمير

صاح السنونو: “لكن، لا أستطيع فعل ذلك!”
توسل الأمير قائلاً: “أرجوك، افعل ما أطلبه منك.”

انتزع السنونو إحدى عيني الأمير وطار بها فوق رؤوس المداخن صوب غرفة الشاب الفقير. دخل الغرفة من فتحة في السقف، وأسقط الجوهرة في باقة أزهار كانت على الطاولة. وعندما رأى الشاب تلك الجوهرة، ظن أن أحد المعجبين بكتاباته أرسلها له مع باقة الأزهار. سرّه ذلك سروراً عظيماً حتى نسي جوعه وراح يكتب بحرارة وأمل، قائلاً:
“الآن أستطيع أن أدفع إيجار غرفتي وأشتري طعاماً.”

مهمة جديدة للفتاة الفقيرة

طار السنونو عائداً إلى الأمير لينقل إليه الخبر السار، وقال:
“والآن، إلى اللقاء. سأعود إليك في الربيع المقبل وآتيك بجوهرة حمراء لمقبض سيفك وجوهرة زرقاء لعينك.”
توسل الأمير قائلاً: “لا تذهب الآن. انظر هناك، أترى تلك الفتاة الصغيرة؟ كانت تحاول بيع علب الكبريت، لكن العلب سقطت من يديها الباردتين ولم تعد صالحة. وسيضربها أبوها حين تعود إلى بيتها. عليك أن تنزع جوهرة عيني الثانية وتحملها إليها.”

صاح السنونو: “لكن إن فعلت ذلك، فلن تقوى على الإبصار أبداً! ستكون أعمى.”
توسل الأمير قائلاً: “أرجوك، افعل ما أطلبه منك.”

انتزع السنونو الجوهرة الزرقاء وحملها إلى الفتاة الصغيرة، ووضعها في يدها. فابتسمت الفتاة ابتسامة فرح وقالت: “ما أجملها!” ثم ركضت إلى بيتها وأعطتها لأبيها الذي لن يضربها بعد الآن.

بقاء السنونو بجانب الأمير

طار السنونو عائداً، وقال للأمير: “لا أستطيع تركك الآن وقد فقدت بصرك. سأبقى معك دائماً لأكون عينيك اللتين ترى بهما.”

راح البرد يشتد يوماً بعد يوم، وحكى السنونو للأمير حكايات عن البلاد الدافئة التي ارتحل إليها إخوته وأخواته الطيور. لم يكن السنونو يشعر، في أثناء حديثه، ببرد قارس، وكان يطير نزولاً عند رغبة الأمير فوق المدينة، لينقل إليه أحوال الناس.

المدينة بين الغنى والفقر

رأى السنونو في جولاته منازل واسعة يسكنها الأغنياء، ورأى أزقة معتمة تزدحم فيها الأكواخ الحقيرة الفقيرة. كان أبناء الفقراء بوجوه ناحلة شاحبة يفتقدون حرارة الغذاء. وفي أحد الأيام، رأى السنونو طفلين يضطجعان ملتصفين تحت جسر طلباً للدفء. اقترب شرطي من الطفلين وأمرهما بالذهاب إلى البيت، لكنه لم يكن يعلم أن لا بيت لهما يعودان إليه. فما كان منهما إلا أن نهضا ومشيا تحت المطر يداً بيد.

سمع الأمير حكاية الطفلين فحزن حزناً شديداً، وقال: “ما عاد عندي جواهر، لكن ثيابي مصنوعة من الذهب الخالص. عليك أن تنتزع قطعة منها وتحملها إلى الطفلين المسكينين.”

تحول الأمير السعيد

صار السنونو في كل يوم يكشف من يحتاج إلى عون، ولم يمض وقت طويل حتى كانت ثياب الأمير الذهبية كلها قد وُزعت على الفقراء والمحتاجين. وبدا الأمير فوق العمود رمادياً باهتاً. غير أن وجوه الأطفال لم تعد ناحلة شاحبة، فقد توردت وجناتهم واشتدت سواعدهم ونمت أجسادهم، وأخذوا يلعبون في الشوارع بمرح.

ثم جاء موسم الثلوج، واشتد البرد في جسد السنونو الصغير، لكنه لم يترك صديقه الأمير. أخيراً، أحس باقتراب نهايته، فهمس قائلاً: “وداعاً أيها الأمير العزيز.” ثم سقط عند قدمي الأمير ميتاً. أجاب الأمير: “وداعاً.” ثم انكسر شيء داخل صدره، وكان ذلك قلبه!

إزالة تمثال الأمير

في اليوم التالي، مرّ رئيس البلدية وأعضاء المجلس البلدي في ساحة المدينة، ورأوا التمثال.
هتف أحدهم: “يا لطيف! ما أبشع منظر أميرنا! لقد اختفت جواهره وسُرق ثوبه الذهبي.”
وصاح آخر: “انظروا! إن بين قدميه طائراً ميتاً! لا نريد مثل هذا المشهد المقرف هنا! علينا أن نرميه بعيداً!”
قال آخر: “بل الأفضل أن نقتلع التمثال أيضاً. سنقيم مكانه تمثالاً أحسن منه. لكن، تمثال من نقيم هذه المرة؟”

أجاب رئيس البلدية فوراً: “تمثالي أنا، طبعاً.” وهكذا أنزلوا تمثال الأمير وأذابوا رصاصه ليصنعوا منه تمثالاً آخر لرجل آخر. لكن العمال وجدوا داخل التمثال قلباً مكسوراً لم يذب، فرموه فوق كومة من القمامة، حيث كان السنونو الصغير مرمياً أيضاً.

النهاية الحقيقية

في تلك الليلة، هبط من بين الغيوم طيفان مجنحان، وحملا القلب المكسور والسنونو الميت، وطارا بهما إلى السماء.
قال أحد الطيفين لرفيقه: “كنا نبحث عن أغلى شيئين في هذه المدينة، وقد وجدناهما.”

معرض الصور (قصة الأمير السعيد)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى