كان التمساح الصغير ناتش والنسناس الصغير سعدان يلعبان معا، عندما فجأة… ووش!
شهق ناتش وقال: “ما كان هذا؟”
ابتسم سعدان باعتزاز، وقال: “هذا كان بابا. عندما أكبر سأكون مثله تماما.”
سأل سعدان: “ماذا يعمل أبوك؟”
قال ناتش: “لا أعرف. يذهب في الصباح ويعود في الليل… وكل شيء بين الصباح والليل سر غامض.”
على مسافة قريبة، لمحا الحمار الوحشي حمشون.
سأل ناتش: “ماذا يعمل أبوك، يا حمشون؟”
ابتسم حمشون: “بابا هو الأبرع في الاختفاء عن العيون. عندما أكبر سأكون مثله تماما.”
عبس ناتش وقال: “لا أظن أن بابا بارع في الاختفاء عن العيون.”
بعد مسافة قصيرة قابلا الفيل فلوان.
قال ناتش: “ماذا يعمل أبوك، يا فلوان؟”
“بابا بإمكانه أن يرش الماء عاليا، أعلى من أعلى شجرة. عندما أكبر سأكون مثله تماما.”
تمتم ناتش: “لا أظن أن بإمكان بابا أن يطير حتى ولا فقاقيع صابون!”
أصدقاء ناتش يتباهون بآبائهم
بعد ذلك قابلا النعامة نعومة والنمر أرقش.
سأل ناتش: “ماذا يجري هنا؟”
خفقت نعومة بجناحيها بحماسة وقالت: “أبي وأبو أرقش يتسابقان لمعرفة الأسرع بينهما.”
وقال أرقش مبتسما: “عندما نكبر سيكون كل منا مثل أبيه تماما.”
سألت نعومة: “هل أبوك سريع الجري، يا ناتش؟”
قال ناتش: “لا أظن. أقدامه قصيرة، نوعا ما.”
بوم بوم بوم!
إذ كان ناتش وسعدان عائدين إلى الأشجار، سمعا صوت خبطات قوية. ظهر الغوريلا الصغير بونغو من بين الأشجار وقال بافتخار: “ذاك كان بابا. إنه يدق صدره بقوة لا يقدر عليها أحد غيره. عندما أكبر سأكون مثله تماما.”
سأل سعدان: “هل لأبيك صدر، يا ناتش؟”
تمتم ناتش: “الواقع… أعرف أن له بطنا.”
حيرة ناتش تتزايد وشعوره بالحزن
عند شاطئ النهر، قابلا فرس النهر فرسون.
قال ناتش متنهدا: “مرحبا، يا فرسون. أظن أن أباك أنت أيضا يقوم بشيء مدهش.”
قال فرسون: “الواقع أن بإمكانه أن يبقى أزمانا تحت الماء حتى من غير أن يصعد لتنفس الهواء. عندما أكبر سأكون مثله تماما.”
شهق سعدان: “سبحان الله!”
قال ناتش متأوها إذ مشى هو وسعدان عائدين: “عرفت ذلك، كل واحد عنده أب أشطر من أبي.”
قال سعدان: “لا تحزن يا ناتش. أنا متأكد أن أباك أيضا عنده شيء مدهش يفعله.”
لكن ناتش، لم يكن متأكدا.
اكتشاف سر أبي المدهش
صاح ناتش: “ماما! إذا لم يكن أبي يحسن الاختباء أو رش الماء أو الجري بسرعة، أو دق صدره…”
أضاف سعدان: “أو حبس نفسه أزمانا!”
“…أو حبس نفسه أزمانا، إذا ماذا يفعل طوال النهار؟”
ابتسمت أمه كاشفة عن أسنانها، ولفت ذيلها حول ناتش، كما كانت تفعل حين كان لا يزال بيضة، وقالت: “تعال معي. تعال أنت أيضا، يا سعدان.”
هكذا مشى ناتش وأمه وسعدان بمحاذاة النهر حتى وصلوا إلى نباتات القصب العالية. باعدت أم ناتش بين عيدان القصب ببطء وهدوء ليرى ناتش ما وراءها.
سأل ناتش: “ماذا يفعل بابا؟”
قالت أم ناتش شارحة: “أبوك هو من يعلم الآخرين كيف يختبئون، ويجرون بسرعة، ويقومون بكل تلك الأشياء المدهشة التي يقومون بها عندما يكبرون.”
قال سعدان: “سبحان الله، يا ناتش! أبوك مدهش.”
صاح ناتش، وهو يضم أباه ضمة تمساحية.
ابتسم ناتش ابتسامة اعتزاز وسأل: “بابا؟ هل تعلمني كيف أقوم بتلك الأشياء كلها؟”
أجاب الأب مبتسما: “طبعا. تعال الآن نبدأ بصيد السمك.”
قال ناتش، وهو يمشي مع أبيه ناحية النهر: “بابا، عندما أكبر أريد أن أكون مثلك تماما.”





