كان يوجد غزالة لها قرون قوية، ولها ولدان صغيران اسمهما سنيسل ورباب، وكان لهم بيت وللبيت باب وللباب داقور من الداخل. وكانت الغزالة تخرج كل يوم صباحا إلى المرعى، وتوصي ولديها سنيسل ورباب قبل خروجها ألا يفتحا الباب في النهار لأحد، وعند المساء أمرتهما ألا يفتحا لها الباب إلا إذا سمعا صوتها ولمسا ذنبها الناعم من تحت الباب. وكانت عندما تعود كل يوم في المساء تنادي ولديها بصوت ناعم وتقول:
“يا سنيسل يا رباب افتحا لأمكما الباب، الحليب ببزيزاتي والحشيش بقريناتي افتحا يا وليداتي.”
وعندما يسمعان صوتها يتراكضان نحو الباب، فتمد أمهما ذنبها من تحت الباب فيلمسانه ويجدانه ناعما، فيفتحان لها الباب ويتراكضان نحو أبزازها الممتلئة حليبا، فيرضعان منها حتى يشبعا، ثم ينامان على صدر أمهما قريري العين.
محاولة الذئب الماكر
وفي يوم من الأيام علم الذئب بوجود سنيسل ورباب في البيت وأن أمهما تناديهما “يا سنيسل يا رباب افتحا لأمكما الباب” فيفتحان لها، لذلك نوى أن يذهب ويناديهما بهذا النداء لعلهما يفتحان الباب فيأكلهما. وكان يخاف أن يواجه أمهما لأنه يخاف من قرونها، لذلك انتظر حتى ذهبت إلى المرعى، فذهب إلى بيتهم وقرع الباب وقال بصوت غليظ:
“يا سنيسل يا رباب افتحا لأمكما الباب.”
فتراكضا نحو الباب، ولكنهما سمعا صوتا غليظا غير صوت أمهما الناعم، فقالا:
“أنت لست أمنا، أمنا صوتها ناعم، لذلك لن نفتح الباب.”
خديعة الذئب
فقال الذئب لنفسه: “لم أنجح في هذا اليوم.” وذهب.
ثم عاد في اليوم الثاني ونادى بصوت ناعم كصوت أمهما:
“يا سنيسل، يا رباب، افتحا لأمكما الباب.”
فتراكضا نحو الباب وقالا:
“ألمسينا ذنبك.”
فمد الذئب ذنبه من تحت الباب فوجداه خشنا، فقالا:
“أنت لست أمنا، أمنا ذنبها ناعم.”
فقال الذئب لنفسه: “لم أنجح في هذا اليوم أيضا.” وذهب وأخذ لوحا من الصابون ثم ذهب إلى النهر وصار يغسل ذنبه بالماء والصابون حتى أصبح ناعما كالحرير.
وعاد في اليوم التالي، وطرق الباب ونادى بصوت ناعم:
“يا سنيسل، يا رباب، افتحا لأمكما الباب.”
فتراكضا إلى الباب، وقالا:
“مدي ذنبك لنلمسه.”
فمد الذئب ذنبه الناعم فلمساه ووجداه ناعما كذنب أمهما، فقالا:
“لماذا جئت في النهار، ولم تنتظري حتى المساء؟!”
قال الذئب بصوت ناعم:
“امتلأت أبزازي بالحليب فأتيت لترضعاها.”
ففتحا الباب فرحين ولكنهما فوجئا بالذئب يهجم عليهما ويبتلعهما الواحد تلو الآخر، وبعد ذلك ذهب إلى البرية ونام تحت الشجرة بعد أن شبع وانتفخ بطنه.
عودة الأم وإنقاذ الصغيرين
وفي المساء عادت الأم فوجدت الباب مفتوحا، فصارت تنادي:
“يا سنيسل يا رباب.”
فلا يرد عليها أحد، فعلمت أن الذئب قد أكلهما، وكانت تعرف مكان نومه، فتبعته إلى البرية فوجدته نائما تحت الشجرة وبطنه منتفخة بسنيسل ورباب. فضربت بطنه ضربة قوية بقرونها القوية فشقتها، وخرج منها سنيسل ورباب يركضان نحو أمهما، فضمتهما إلى صدرها، وقالت لهما:
“ألم أقل لكما لا تفتحا الباب لأحد في النهار؟!”