كان يعيش في إحدى الغابات ثعلبان، الأول: اسمه صالح، والثاني: اسمه غادر، وكانا صديقين، يصطادان معا، ويأكلان فريستيهما معا. وكان لكل واحد منهما جحر خاص به وحده.
ومرت الأيام على ذلك بينهما. وفي أحد الأيام أتى غادر ليدخل جحره، بعد أن أكل الفريسة هو وصالح وشبعا، فوجد في جحره حية عظيمة قد استولت على الجحر وسكنت فيه، فارتد عن الجحر فزعا، ولم يستطع الدخول؛ لأنه لو دخل لنهشته الحية وقتلته حالا.
وذهب إلى صالح ليشكو إليه أمره، فدعاه صالح إلى الدخول إلى جحره، وقال له: “اسكن معي الآن في جحري بينما نفكر في طريقة نخرج بها الحية من جحرك، فالبيت الضيق يسع ألف صديق كما يقول المثل.”
فدخل غادر إلى جحر صالح وسكن عنده مؤقتا، وعندما دخل رأى جحرا واسعا نظيفا، أفضل من جحره بكثير. فطمع فيه، وصار يفكر في طريقة يأخذ بها جحر صديقه ويغدر به! وهكذا كان صالح يفكر في طريقة لإخراج الحية من جحر صديقه غادر، وكان غادر يفكر في طريقة للاستيلاء على جحر صديقه صالح! فلننظر ماذا سيكون الجزاء؟
خطة لطرد الحية ونوايا الغدر
نام الثعلبان في جحر الثعلب صالح، وأخذا يتسامران قبل النوم واضطجعا ليناما، وفجأة جلس صالح وقال: “وجدتها.”
فقال له غادر: “ماذا وجدت؟”
قال: “وجدت طريقة لإخراج الحية من الجحر.”
قال غادر: “وكيف نخرجها أو نقترب منها وهي حية كبيرة سامة؟”
قال صالح: “سأقول لك كيف. نجمع حطبا من الغابة ثم ننقله ونضعه على باب جحرك، ونأتي بعود من الحطب في رأسه نار من خيام الأعراب النازلين حولنا، ونشعل الحطب، فيدخل دخانه إلى الجحر فإما أن تبقى الحية في الجحر فتختنق بالدخان وتموت، أو تخرج من الجحر فتحترق بالنار وتموت أيضا.”
فوافق غادر على هذه الخطة.
وفي الصباح ذهبا إلى الغابة وصارا يجمعان الحطب ويحملانه بفميهما ويكومانه أمام جحر صالح استعدادا لنقله إلى جحر غادر. وعندما اكتمل جمع الحطب، قال غادر لصالح: “اذهب أنت إلى خيام الأعراب لتأتي بقطعة من الحطب فيها نار وسأحمل أنا الحطب إلى أمام جحري.”
فذهب صالح لإحضار النار، وعند ذلك استغل غادر غيابه وسحب الحطب إلى فوهة جحر صالح بدلا من حمله إلى جحره، ودخل إلى جحر صالح وسحب كومة الحطب وراءه حتى سد بها فوهة جحر صالح تماما، ليمنع صالح من دخوله، وجلس هو داخل الجحر ليستولي عليه ويطرد منه صالحا تماما.
مكيدة تنقلب على صاحبها
أما صالح فأتى بعود في رأسه نار وعندما وصل إلى جحر غادر لم يجد هناك شيئا، فذهب إلى جحره فوجد الحطب لا يزال هناك، ولكنه لم يجد غادرا، فصار يصيح: “غادر، غادر.” فلا يرد عليه أحد.
فوضع عود النار على الأرض وذهب ليفتش عن غادر. وكان في الأرض أعشاب يابسة، وكانت الريح قوية، فاشتعلت الأعشاب اليابسة بفعل النار والريح، وامتدت النار إلى كومة الحطب التي تسد فوهة جحر صالح فاشتعل الحطب بأجمعه ودخل الدخان إلى داخل جحر صالح حيث يختبئ غادر.
شعر غادر بالاختناق وحاول الخروج فوجد النار أمامه، فقذف بنفسه فيها فاشتعل شعره واحترق جسمه وتفحم ومات. وهذا جزاء الغدر.
وعاد صالح فوجد أن الحطب قد احترق واحترق معه صديقه غادر في فوهة الجحر، فعرف عند ذلك أن صديقه كان مختبئا داخل الجحر ليستولي عليه، فتأسف عليه، وقال: “أهذا جزاء الصداقة؟! أنا كنت أفكر في طريقة لإخراج الحية من جحره وإعادته إليه، وهو كان يدبر للاستيلاء على جحري!”
العبرة من القصة
من حفر حفرة لأخيه وقع فيها.