كان يعيش ثلاثة ثيران في غابة من الأشجار، أحد الثيران كان أبيض اللون والثاني أسود اللون، والثالث ترابي اللون. وكان في الغابة أعشاب طويلة يأكلون منها، وعين جارية يشربون منها. وهكذا عاشوا مدة من الزمن سعداء متفاهمين ومتفقين، لا ينغص عليهم حياتهم أحد من البشر أو من الحيوان.
وفي يوم من الأيام مر من ذلك المكان أسد فأعجبته الغابة، وعندما دخلها رأى الثيران الثلاثة، فسلم عليهم فردوا عليه السلام.
فقال لهم: “هل تقبلوني عندكم ضيفا بضعة أيام؟”
فقال الثيران الثلاثة لبعضهم: “وماذا يستطيع الأسد أن يصنع معنا ونحن ثيران ثلاثة أقوياء؟!”
لذلك قالوا له: “تفضل أهلا وسهلا بك ضيفا علينا.”
وهكذا عاش الأسد معهم في الغابة، هم يأكلون الأعشاب، وهو يأكل من الغزلان والمواشي التي تعيش في ذلك المكان. ولا يستطيع الاعتداء على الثيران، لأنهم متحدون ومتفاهمون ومتحابون لا يفترق بعضهم عن بعض مطلقا.
مؤامرة الأسد لتفريق الثيران
ومرت الأيام، وأخذت الغزلان والمواشي تهرب من ذلك المكان بعد أن رأت الأسد يفتك بها ويأكلها. وأخذ الأسد يجوع ففكر في أكل الثيران، ولكن كيف السبيل إلى ذلك، وهي ثلاثة وهو واحد، لا يستطيع التغلب عليها مجتمعة؟!
لذلك فكر في تفريقها عن بعضها، فأخذ يتودد إلى الثورين الأسود والترابي حتى وثقا به وأحباه. وفي يوم من الأيام قال لهما، للأسود والترابي:
“هذا الثور الأبيض سيفضحنا في يوم من الأيام، لأن لونه الأبيض يظهر بوضوح لكل من يمر من هذا المكان. أما نحن أنا وأنتما، فألواننا من لون التراب وظل الشجر، لذلك إذا مر أحد من البشر في هذا المكان فإنه سيرى الثور الأبيض، وعند ذلك سيدخل الغابة ويقتلنا أو يطردنا منها.”
فقال الثوران الأسود والترابي: “صدقت فيما قلت، فما العمل؟”
قال الأسد: “دعونا نتخلص منه ومن خطره علينا.”
قالا: “وكيف ذلك؟”
قال الأسد: “أنا آكله وأخلصكم منه.”
فوافق الثوران على ذلك، وعند ذلك ذهب الأسد إلى حيث يرعى الثور الأبيض وهجم عليه وافترسه وأكله، والثوران الأسود والترابي ينظران إليه دون أن يخفا إلى مساعدته.
الخيانة الثانية والمصير المحتوم
وبعد مدة جاع الأسد مرة أخرى، فأتى إلى الثور الترابي اللون، وقال له سرا: “أنت لونك مثل لوني، ومن يرانا معا يظننا أسدين فيخافنا ويبتعد عنا، أما هذا الثور الأسود، فلونه غير لوننا، وقد يفضحنا بلونه، لذلك أرى أن تدعني آكله فنتخلص منه ومن خطره علينا، ونعيش أنا وأنت كرفيقين متحابين لا يستطيع أحد الاقتراب منا.”
فوافقه الثور الترابي على ذلك، فذهب الأسد إلى حيث يرعى الثور الأسود وهجم عليه وأكله، والثور الترابي ينظر إليه.
وبعد مدة أخرى جاع الأسد مرة أخرى، فقال للثور الترابي: “أنا جائع، ولم يبق غيرك، لذلك سوف آكلك.”
فقال له الثور: “وكيف ذلك؟! ألم تقل إننا سنعيش كأخوين متحابين؟!”
فقال الأسد: “دعك من هذا، فليس بين القوي والضعيف أخوة ولا حب، وعندما يجوع القوي، فلا بد له من أكل الضعيف.”
ورأى الثور نفسه وحيدا، لا يستطيع مقاومة الأسد، وندم على سماحه للأسد بافتراس الثورين الأبيض والأسود، ولكن لا ينفع الندم الآن، وأيقن بالهلاك، فقال للأسد: “قبل أن تأكلني دعني أصيح صوتا.”
فسمح له، فوقف وصاح قائلا: “إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض.”
وهكذا يا أبنائي عندما تفرقت الثيران استطاع الأسد أن يأكل الواحد منها بعد الآخر. ولو بقيت الثيران متحدة لما استطاع أن يأكلها، وهذا ما يفعله الاستعمار واليهود ليقضوا على مخالفيهم أي سياسة فرق تسد، يفرقون الشعوب عن بعضها البعض، وعند ذلك يقضون عليها الواحد تلو الآخر. هذه هي سياستهم دائما، وإياكم أن تنسوا ذلك أبدا.
العبرة من القصة
الاتحاد قوة والتفرق والاختلاف ضعف.