قصة فرهود جحش يشكو الوحدة

فرهود جحش وحيد يبحث في الغابة والمزرعة عن رفيق يزيل عنه الوحدة. قصة فرهود جحش يشكو الوحدة مليئة بالقيم والتعلم عن الصداقة.
جدول المحتويات

كان فرهود، الجحش الرمادي الصغير، يعيش وحيدًا على تلة مليئة بالأشجار الشائكة قرب ساقية صغيرة، يشعر بالوحدة. حاول مرارًا إيجاد رفيق له بين الحيوانات التي يراها، فبدأ بسؤال الخراف والأرانب وحتى الزقزاقة، لكن الجميع كانوا منشغلين بأعمالهم. نصحته الزقزاقة أن يسأل البومة الحكيمة في الغابة المظلمة، فقرر فرهود البحث عنها على أمل أن تجد له حلاً.

في الغابة، وجد البومة، وسألها كيف يتخلص من وحدته. فأجابته بأن الحل الأفضل هو أن يجد شخصًا آخر يشعر بالوحدة مثله، لأن اجتماع وحيدين يزيل الوحدة عن كليهما. رغم النصيحة، لم يفلح فرهود في إيجاد هذا الشخص، حتى بعدما جاب الحقول والمزارع، حيث واجه الخيول والجواميس والبقر الذين لم يكن لديهم وقت له.

في أحد الأيام، وبعد أن أُخرج من مزرعة حاول البقاء فيها، التقى فرهود بعقعق غريب دعاه لمرافقته لرؤية شيء مميز. قاده العقعق إلى مزرعة كبيرة، حيث رأى الصبي سامر جالسًا وحده في الحديقة، يلعب قليلاً دون أن يحمل أي لعبة في يده. أدرك فرهود أن سامر، مثله، يعاني من الوحدة. ركض فرهود نحو الصبي، وما إن اقترب منه حتى قفز سامر من كرسيه وعانقه بحرارة.

توطدت الصداقة بين فرهود وسامر بسرعة، وطلب سامر من البستاني بناء إسطبل لفرهود في المزرعة. على الرغم من قلق البستاني والحاضنة العجوز من أن يكون لفرهود صاحب آخر، سمحوا له بالبقاء مؤقتًا. سرعان ما أصبح فرهود وسامر لا يفترقان، فكان سامر يركب فرهود حول الحديقة، وأصبحا يلعبان معًا طوال الوقت. لم يعد فرهود يشعر بالوحدة، وكذا سامر الذي تحسنت حالته وأصبح أكثر سعادة وتوردًا.

ثم جاءت اللحظة الحاسمة في حياة سامر، عندما عادت والداه بعد غياب طويل. رآهما سامر من بعيد، فركض إليهما مع فرهود، وعانقهما بحرارة. بعد أن حكى سامر لوالديه عن الجحش، وافق والده على أن يحتفظ به بشرط ألا يظهر أحد ليطالب به.

مرّت الأيام، وأصبح فرهود جزءًا من حياة سامر. وفي أحد الأيام، قرر فرهود زيارة البومة الحكيمة ليشكرها. عندما رأته، قالت له: “عدت لا تشعر بالوحدة، أليس كذلك؟” أجابها فرهود بابتسامة، قائلاً: “نعم، بفضلك لم أعد أشعر بالوحدة أبدًا، وسامر أيضًا.”

وهكذا، عاش فرهود حياة سعيدة مع سامر، وتوطدت صداقتهما مع العقعق، الذي كان يزور فرهود ليلاً ليتحدث معه عن مغامراته، بينما يروي له فرهود عن يومه مع سامر. لم يكن فرهود وحيدًا بعد الآن، فقد وجد في النهاية من يشاركه حياته ويزيل عنه شعور الوحدة الذي كان يثقله.

قصة فرهود جحش يشكو الوحدة مكتوبة

عاش فرهود، الجحش الرمادي، وحيداً على تلته، دون أن يكون له أي رفيق. كان قد عاش هناك بين الأشجار الصغيرة الشائكة، وقرب الساقية الصغيرة التي يجري فيها الماء بسرعة صيفاً وشتاءً، في الأيام الصاحية والممطرة. وفي عصر أحد الأيام المشمسة، شعر بتعب وعطش، بعد أن قام بسباقات مع ظله، وبعد أن قفز فوق الساقية مراراً وتكراراً. فشرب كثيراً من الماء البارد، ثم تمدد فوق عشب الربيع القصير.

نهض بعد ذلك مفتشاً عن خروف. وكان هنالك عدد قليل من الخراف على التلة، وكانت تلك الخراف مشغولة جداً بالأكل في معظم الأوقات، بحيث لا تجد وقتاً للكلام. وأخيراً وجد خروفاً.

لقاء فرهود بالخروف

سأله قائلاً: “هل تشعر بالوحدة؟” فرفع الخروف رأسه عن العشب، وقال: “أشعر بالوحدة! ليس لدي وقت للتفكير فيها. هل تشعر أنت بالوحدة؟” فأجابه فرهود: “نعم، أظن أنني أشعر بها، وأرغب في أن أجد أحداً أتحدث إليه وألعب معه.” فقال له الخروف: “ليس لدي وقت لأمور كهذه، فأكل العشب يستغرق وقتي كله.” وراح يواصل رعي العشب، كأنه لا يستطيع أبداً أن يرعى منه ما يكفيه.

فابتعد عنه فرهود متمهلاً، وقال لنفسه: “لا أريد أن أواصل الأكل طول الوقت. فأنا أحب القيام بأعمال أخرى، فالأكل ليس كل شيء.” وفي ذلك الحين التقى أرنبة مسرعة.

محاولة فرهود مع الأرنبة

ناداها قائلاً: “انتظري قليلاً.” فتوقفت الأرنبة والتفتت إليه قائلة: “نعم، ماذا تريد مني؟ ليس لدي وقت للكلام.” فسألها فرهود قائلاً: “هل تشعرين بالوحدة؟” فصاحت الأرنبة: “هل أشعر أنا بالوحدة! لا؛ لأن لي زوجاً وثمانية أولاد، ولا يمكن أن أشعر بالوحدة مع أسرة كهذه! يجب أن أذهب؛ لأن الأولاد قد يتعرضون للخطر، وسيعود زوجي قريباً إلى البيت.” ثم ابتعدت عنه.

بدأ فرهود يرجع إلى الساقية، وإلى الشجيرات الشائكة التي كانت تحميه من الريح ليلاً. ثم توقف فجأة؛ لأنه كاد يدوس زقزاقة جالسة فوق عشها.

لقاء فرهود بالزقزاقة

قال لها: “آه يا عزيزتي، أرجو أن لا أكون…” فأجابته: “إنك لم تؤذني، لكن يجب عليك أن تنظر إلى الطريق أمامك عندما تمشي.” فقال لها فرهود: “الحق معك؛ لأنني كنت أفكر.” – “في أي شيء كنت تفكر؟” – “كنت أفكر في أنني وحيد، وفي الطريقة التي تنقذني من تلك الوحدة.”

فأمالت الزقزاقة رأسها جانباً، ونظرت إليه بعينيها البراقتين، وقالت له: “اذهب إلى البومة الحكيمة في الغابة المظلمة، وأسألها.”

لقاء فرهود بالبومة الحكيمة

أسرع فرهود في ذلك المساء، باحثاً في ضوء القمر عن البومة الحكيمة. فسمع في الغابة أصواتاً غريبة، ورأى أشباحاً مخيفة جعلته يقفز رعباً، ولكنه واصل سيره إلى أكثر الأماكن كثافة في الغابة. وهناك وقف وتسمع. سمع: “هُو – هُو – وُو، هُو – هُو – وو!” فسار فرهود ببطء وحذر خلال الأشجار والنباتات الصغيرة المتشابكة، حتى رأى أخيراً البومة الحكيمة جالسة على غصن من أغصان شجرة بلوط كبيرة. كانت البومة رمادية اللون، وذات عينين كبيرتين مستديرتين، فبدت حقاً أنها حكيمة جداً.

نظرت البومة إلى فرهود، وسألته عما يريد. فقال لها فرهود: “جئت أطلب مساعدتك. إنني أعيش على التلة، بين الأشجار الصغيرة الشائكة، وقرب ساقية صغيرة. أرى أحياناً خروفاً، وأرى أرنبة أحياناً أخرى، ولكنهما ليس لديهما وقت للعب معي، مما يجعلني ألعب وحدي، وآكل وحدي، وأنام وحدي، فأنا أشعر بأنني وحيد، فكيف أنجو من تلك الوحدة؟”

نصيحة البومة الحكيمة

حدقت البومة إليه، ثم أغلقت عينيها لحظة، وقالت: “إن أحسن شيء تعمله هو أن تجد واحداً يشعر بالوحدة أيضاً؛ لأنك إذا وضعت وحيدين معاً، يعودان غير وحيدين.” فخفض فرهود رأسه علامة للموافقة، وقال لها: “هذا صحيح، شكراً جزيلاً لك على هذه النصيحة.” ثم خب (مشي بسرعة) مبتعداً عنها.

بحث فرهود عن رفيق

نزل الجحش الرمادي، في صباح اليوم التالي، راكضاً من التلة إلى المزرعة في الوادي. فبحث في جميع الحقول عن جحش مثله، ولكنه لم ير جحشاً واحداً، ولم ير سوى بقرات سود وبيض، فتحدث إليها قائلاً: “ظننت أنني قد أجد جحشاً وحيداً مثلي.” فأجابته إحدى البقرات: “لا أظن أنك ستجد أحداً يشعر بالوحدة هنا، يوجد هنا بقر كثير مثلنا.” ثم ابتعدت البقر جميعها نحو مرجة عشبها شديد الخضار.

ثم رأى فرهود بعض الجواميس، فتحدث إليها، وما كادت تفتح عيونها لتراه، حتى أغلقتها ثانية. ورأى فرهود في أحد الحقول حصانين بنيين عليهما عدة الفلاحة. فسألهما قائلاً: “هل أستطيع البقاء في المزرعة؟” فأجاباه: “لا نظن أن في استطاعتك البقاء؛ لأن لكل واحد هنا عملاً يؤديه. وهذا هو السبب الذي يجعلهم لا يشعرون بالوحدة، ولكن ما الذي يستطيع الجحش أن يفعله هنا؟”

لقاء فرهود بالرجل العجوز

فقال فرهود بحزن: “لا أظن الجحش قادراً على القيام بأي عمل خاص هنا. ولا أستطيع التفكير في أي عمل أقدر على القيام به بصورة كاملة. وأفهم تماماً أنني سأشعر بالوحدة هنا.” ثم انحدر راكضاً على الطريق العام. وبعد زمن قصير لحق برجل عجوز حامل كيساً على كتفه. فقال له الرجل العجوز: “مرحباً بك أيها الجحش الصغير، إنك أنت الذي أبحث عنه.” ثم وضع حبلاً حول رقبة فرهود، وقاده إلى كوخه.

فقال فرهود لنفسه: “أعتقد أنني وجدت شخصاً يشعر بالوحدة مثلي”، وشعر بسرور عظيم. ربط الرجل العجوز فرهود إلى عمود البوابة، وفتح الباب. فجاءت زوجته لاستقباله، كما جاء كلبه، وقفزت قطة بيضاء إلى كتفه.

قال الرجل العجوز لزوجته: “انظري ما وجدت، تصوري كم سيكون نافعاً لي، فأكياسي يمكن أن توضع في عربة صغيرة الآن.” ثم وضع فرهود في حظيرة ضيقة جداً. كان سرور الرجل العجوز بالحصول عليه عظيماً، ولكنه نسي تماماً أن يقدم له أي شيء ليأكله.

فرهود يهرب من الرجل العجوز

فقال فرهود لنفسه: “لا يمكن أن يشعر الرجل العجوز بالوحدة، فله زوجته وقطته وكلبه، وأنا لا أحب أن أكون هنا.” وراح يرفس باب الحظيرة رفساً شديداً، وعندما جاء الرجل العجوز ليرى ما الذي كان يريده، انطلق فرهود بقوة من الباب، واندفع راكضاً على الطريق المنحدر.

وصل بعد فترة قصيرة من الزمن إلى حافة صخر عالٍ، فنظر منه إلى البحر تحته. فقال لنفسه: “ما أكثر الماء هنا، وما أشد ازرقاقه!” ثم رأى الرمل الأصفر، والأولاد يلعبون ويخوضون قرب الشاطئ. فقال فرهود بأعلى صوت عنده: “يبدو أنه ممتع جداً.” فسمعه نورس (طائر بحري)، فقال له: “حقاً إنه ممتع جداً.”

فرهود يلتقي بالحمير

كان فرهود ينوي أن يجيبه، ولكنه نسي كل شيء عن البحر والرمل والنورس؛ لأنه رأى مجموعة صغيرة من الحمير تحته تماماً. فقال لنفسه: “يا لحسن حظي، هؤلاء حمير مثلي، وربما يسمحون لي بالبقاء معهم، ولن أشعر بالوحدة بعد ذلك ثانية.” ثم وجد ممراً صغيراً معوجاً، فنزل عليه إلى الشاطئ.

ولكن الحمير ضحكت منه، لأنه جاء من الريف، ولا يعرف شيئاً عن حياة حمار الشاطئ. وقالوا له إن الركبة التالية ستكون من نصيبه، على أن يخبرهم إذا كانت تعجبه. ثم ركب على ظهره صبي كبير الجسم وسمين جداً، وراح يسير به. ما أثقل وزن الصبي، وما أشد حرارة الرمل وأكثر إزعاجه! كان يختلف كثيراً عن العشب البارد فوق تلته. ضحكت الحمير الأخرى ثانية عندما عاد فرهود تعباً، ونفسه يكاد ينقطع. وأخبروه أنه لن يصلح ليكون حماراً من حمير الشاطئ، ثم أداروا ظهورهم له، وراحوا يتحدثون واحدهم مع الآخر.

عودة فرهود إلى البومة الحكيمة

ترك فرهود الحمير، وعاد صاعداً فوق الصخر، والحزن يملأ قلبه. فكر قليلاً وقال: “يبدو أنني لن أجد أحداً يشعر بالوحدة مثلي. سأذهب إلى البومة الحكيمة، وأطلب منها التفكير في شيء آخر ينقذني من الشعور بالوحدة.” لذا راح يركض عائداً إلى الغابة المظلمة، وأخذ يتسمع صوت البومة الحكيمة لمعرفة مكانها.

سمع صوت البومة: “هُو، هُو، وو.” وقد وجدها هذه المرة فوق غصن شجرة مران. تحدثا مدة طويلة، ولكن البومة لم تستطع التفكير في أي شيء آخر. لذا عاد فرهود ببطء إلى تلته ليعيش كالسابق.

لقاء فرهود بالعقعق

في صباح اليوم التالي، راح فرهود يتسابق مع ظله، ويقفز مرتين أو ثلاثاً فوق الساقية، ثم شرب حتى ارتوى. وبينما كان يرتاح على العشب البارد، هبط عقعق (طائر كالغراب) على حجر كبير قريب من فرهود. قال له: “سمعت ما كنت تقوله البومة الحكيمة في الليلة الماضية.”

فقال له فرهود: “هل سمعتني؟ إنني لم أرك.” فقال العقعق: “كانت الغابة مظلمة. لقد كنت أفكر بك. هل لك أن تأتي معي؟ أريد أن أريك شيئًا.”

نهض فرهود، وانحدر هو والعقعق عن التلة، واجتازا الحقول معاً. سار فرهود بسرعة وخفة، والعقعق يطير جنبه. وصلا بعد مدة من الزمن إلى طريق فيها بوابة حديدية كبيرة.

دخول فرهود إلى المزرعة

قال له العقعق: “يجب أن تدخل من هذه البوابة.” فاستولت الدهشة على فرهود، فقال للعقعق: “هل أدخل من هذه البوابة؟ ولكن إلى أين تأخذني؟” فلم يقل له العقعق سوى: “سترى حالاً.” ثم صعدا طريقاً طويلاً، تحيط به الشجيرات المزهرة من كلا جانبيه، ووراءه مرج أخضر. ثم رأيا رجلاً يدفع عربة يد ذات دولاب واحد، بينما كانا يدوران حول أحد المنعطفات.

صاح الرجل: “ويحك يا هذا!” وأمسك فرهود من شعر رقبته، وقال له: “أدر ظهرك، واخرج من هنا، أيها الجحش، فأنت لا تعيش هنا.” ثم قاد فرهود وعاد به إلى البوابة الكبيرة. قال له: “لا أحب أن أتركك على قارعة الطريق، ولكنني أتوقع أنك ستجد الطريق إلى بيتك.” ثم قاده إلى الخارج وأغلق البوابة وراءه.

أما العقعق الذي طار إلى شجرة عندما ظهر البستاني، فقد هبط إلى الأرض ثانية. قال العقعق لفرهود: “لا بأس عليك، إنني أعرف طريقاً آخر للدخول منه.”

اكتشاف الصبي سامر

قاد العقعق فرهود مسافة قصيرة على الطريق، وطلب منه أن يشق طريقه خلال فتحة في السياج. بعد ذلك، بين الأشجار الصغيرة، قال العقعق إنه يجب أن يقفا. ثم قال لفرهود: “أنظر إلى هناك، هل تستطيع أن تراه؟” نظر فرهود عبر مرج أخضر، فرأى البستاني مشغولاً بكنس الممر. فقال للعقعق: “أتعني ذلك الرجل؟ نعم، إنني أراه. سوف يطردنا ثانية إذا رآنا.”

فقال العقعق: “لا، لا أعني البستاني؛ انظر إلى هناك، في وسط المرج.” نظر فرهود ثانية، فرأى صبياً صغيراً جالساً على أحد كراسي الحديقة. كان يجلس وحده بهدوء تام، ويحدق أمامه. كانت على العشب ألعاب قليلة، دون أن تكون في يديه واحدة منها. فقال فرهود للعقعق: “يبدو – يبدو أنه يشعر بالوحدة.”

فقال العقعق: “إنه يشعر بالوحدة؛ لأن أمه وأباه غائبان عنه منذ مدة من الزمن، وليس عنده أحد يلعب معه. آه، إنهم يعتنون به عناية حسنة، ولكنه يشعر بالوحدة، وهذا هو السبب الذي جعلني أحضرك إلى هنا.”

فرهود وسامر

فقال فرهود: “آه، نعم أراه، بالطبع أراه.” وفي اللحظة التالية، كان يركض إليه عبر المرج. أما الصبي الصغير، الذي كان اسمه “سامر”، فقد قفز من على كرسيه، وحدق في فرهود، ثم ركض إليه ووضع يديه حول رقبته وعانقه.

ثم قال له بصوت عالٍ: “آه، هل جئت لتلعب معي؟ هل جئت لكي تعيش معي؟ هل يمكنني الركوب على ظهرك؟”

فرهود وسامر

صعد سامر إلى ظهر فرهود، وأمسك بشعر رقبته بشدة، وراح فرهود يركض به حول المرج، بينما كان العقعق يراقبهما من شجرة قريبة. رآهما البستاني، فرمى مكنسته وأسرع نحوهما. أمسك بذراع سامر، خوفاً من وقوعه من على ظهر فرهود، وقال بصوت عال: “ما الذي يجري هنا؟ لمن هذا الجحش؟ قد أخرجته من البوابة قبل قليل من الزمن.”

أجاب سامر بحماس: “سيصبح جحشي، هيا بنا لكي نحضر له إسطبلاً.” ظهرت علامات القلق على وجه البستاني، وحك لحيته وقال: “ولكن سيطالب به شخص ما، أنت تعلم أنه ليس حمارك في الحقيقة.” فرد سامر قائلاً: “سأحتفظ به إلى أن يطالب به أحد، ولكن آه، أرجو أن لا يطالب به أحد، أريده أن يكون لي وحدي. تعال ودبر له الإسطبل.”

تجهيز إسطبل لفرهود

قال البستاني، وهو يهز رأسه ويبتسم: “حسناً، أظن أنني يجب أن أحضر له إسطبلاً.” أخذ البستاني فرهود إلى حظيرة مريحة في طرف الحديقة الآخر، بينما طار العقعق وهو يصيح بأنه سيعود لرؤية فرهود ثانية. عمل البستاني وسامر بنشاط، ووضعا العشب اليابس والماء لفرهود، وفرشا له الأرض بالقش. بعد أن استراح فرهود، قفز سامر إلى ظهره، وراح يمشي ببطء حول الحديقة الكبيرة مراراً.

أحس فرهود بشعور غريب، وعرف ببطء حقيقته، فقال لنفسه: “إن البومة الحكيمة كانت محقة، إنني ما عدت أشعر بالوحدة، وأظن أن سامر أيضاً لا يشعر بها. لقد كانت الخيول مصيبة بشأن ضرورة القيام بعمل ما.”

اعتراض الحاضنة

أما الحاضنة العجوز التي كانت تعتني بسامر، فقد اعترضت؛ لأنها كانت متأكدة أن لفرهود صاحباً. لكنها قالت في النهاية إنها ستبحث عن ذلك الصاحب، وأن فرهود يستطيع البقاء إلى أن تجد صاحبه. رأى فرهود أن المسألة مضحكة جداً، وقال لنفسه: “كأنني كنت يوماً ملكاً لأي إنسان. لقد كنت وحيداً دائماً.”

ولكنه لم يعد وحيداً الآن، إذ إنه ظل وسامر معاً دائماً. أصبح فرهود أكثر سمنة، ووجه سامر أكثر توردًا. ثم حدثت مفاجأة ثانية لسامر.

عودة الوالدين

في أحد الأيام، بينما كان يتسابق مع فرهود، أقبلت سيارة ببطء ثم توقفت. كاد سامر يكذب عينيه عندما رأى أمه وأباه يخرجان منها. ركض هو وفرهود إليهما بأقصى سرعتهما، وفي اللحظة التالية كان هناك خليط من ثلاثة أشخاص وجحش رمادي يعانقون بعضهم البعض. بعد ذلك، روى سامر قصة فرهود لأبيه، فقال له أبوه إنه يستطيع الاحتفاظ به لنفسه إذا لم يدع أحد أنه له.

زيارة البومة الحكيمة

وهكذا عاش فرهود مع سامر. وفي أحد الأيام، ذهب سامر إلى حافة الغابة المظلمة على ظهر جحشه. رأت البومة الحكيمة فرهود قادماً، فطارت إلى شجرة قريبة، وقالت له: “عدت لا تشعر بالوحدة أبداً، أليس كذلك؟”

أجابها فرهود: “شكراً لك، عدت لا أشعر بالوحدة أبداً، وسامر أيضاً لا يشعر بها. أشكرك كثيراً على مساعدتك لي.”

الصداقة الدائمة

في الليالي الطويلة، حين يكون سامر في فراشه، كان فرهود يستلقي على العشب، ويتحدث إلى العقعق الواقف على الشجرة فوقه. كان العقعق يتحدث إلى فرهود عن التلة ذات الأشجار الصغيرة الشائكة، وعن ماء الساقية الذي يجري بسرعة، بينما يروي له فرهود جميع أخبار سامر.

معرض الصور (قصة فرهود جحش يشكو الوحدة)

المصدر
قصة فرهود جحش يشكو الوحدة - سلسلة قصص الحيوانات - محمد العدناني - مكتبة لبنان ناشرون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى