كم كانت فرحة شريف عظيمة، عندما أعلمه والده أنه سيصحبه معه غدا في زيارة لمعرض الكتاب، الذي يقام بأرض المعارض في مثل هذا الوقت من كل عام.
في مساء ذلك اليوم، أعد شريف ملابس الخروج، واهتم بتلميع حذائه، وراجع حصيلة التوفير فوجدها مبلغا معقولا، وأعد ورقة كتب فيها أسماء الكتب التي يرغب في شرائها.
في اليوم التالي، ذهب شريف مع والده إلى المعرض، وكان مزدحما برواده من كل الأعمار، وبه الكثير من الكتب المختلفة، في مهرجان رائع يسر الزائرين.
اشترى شريف بعض الكتب الجميلة، وطلب من والده أن يشاركه في انتقاء كتاب يشرح حركة الكواكب وعلوم الفضاء. وبعد بحث قليل، عثرا على كتاب صغير مبسط، به كل ما يطلبه شريف.
شريف في معرض الكتاب
سأل شريف والده، وهو يقلب صفحات الكتاب: عجيب أمر هذه الكواكب، ومنها كوكب الأرض الذي نعيش عليه، فكلها تسبح في الفضاء، دون أن نشعر بالخوف أو القلق. هلا وضحت لي ذلك يا أبي؟
ابتسم والده وقال: إن الله على كل شيء حفيظ. فلا شيء يفلت منه أو يغيب عنه، و«الحفيظ» يا شريف اسم من أسماء الله الحسنى، وهو وحده الحافظ لهذا الكون، ووضع له نظاما دقيقا لا يختل لثانية واحدة، فحفظ الكون من أي اختلال.
فالشمس والقمر والأرض وكل النجوم، تسير في مدارات دقيقة محددة، لا تحفظها ولا توجهها إلا قدرة الله سبحانه وتعالى الحفيظ على كل شيء.
قال شريف في سرور: أتعلم يا أبي أن مدرس اللغة العربية سعيد بي لأنني أجيبه عن كل أسئلته، فيقول لي دائما: حفظك الله يا بني.
شرح الأب لمعنى اسم الله الحفيظ
قال والده: وكذلك الكلمة التي تقولها، تكون محفوظة عند الله سبحانه وتعالى لا تفنى، بل تبقى في كتابك الذي يتم بموجبه حسابك يوم القيامة. وكل ما يفعله الإنسان والغرض منه، محفوظ في كتاب عند الله تبارك وتعالى.
قال شريف مندهشا: أتقصد يا أبي أن كل هؤلاء البشر على وجه الأرض، تحفظ أعمالهم؟
قال والده: نعم يا بني وتبقى إلى يوم الحساب العظيم. فالله وحده هو الحفيظ على هذه الحياة فتبقى الحياة في كل كائن، طالما أراد الله سبحانه وتعالى أن يحفظها.
قال شريف: حقا يا أبي، فأنا أتذكر قصة نبي الله يوسف عليه السلام، حين ألقاه إخوته في البئر وهو صغير، فحفظ الله حياته. وكذلك الخيانة التي وقعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حين تآمر عليه اليهود، وهموا بإلقاء الحجر عليه من فوق سطح جدار كان يجلس بجواره، فأنقذه الله تبارك وتعالى.
أمثلة شريف على حفظ الله للأنبياء
قال والده في سرور: حسنا يا بني، فأرى أنك تستمع إلى ما يقال وتفهمه جيدا، بارك الله فيك. فالله تبارك وتعالى حفيظ على كل ما يمنحه لنا في هذه الدنيا، فيحفظ لنا الصحة والعافية كيف يشاء، ويذهبهما عنا حين يشاء. ويمنحنا المال، فإن أراد أن يأخذه منا فلا يمنعه شيء.
قال شريف: نعم يا أبي، وأتذكر كذلك نبي الله أيوب عليه السلام. عندما أصابه مرض أقعده طويلا، فلما صبر على ما ابتلاه الله به، أعاد الله سبحانه وتعالى إليه صحته وعافيته أحسن مما كانتا، وأتذكر كذلك قارون عندما طغى وتجبر، أذهب الله عنه ماله وأفناه.
قال والده: وهكذا يا بني الأمثلة كثيرة، ويقول سبحانه وتعالى {وربك على كل شيء حفيظ} صدق الله العظيم.
قال شريف: شكرا يا أبي، فقد تمتعت بحديثك كثيرا، كما تمتعت بزيارة معرض الكتاب.
الدرس العملي في حفظ الله عند العودة للمنزل
وفي أثناء عودتهما بالسيارة، كادت تحدث لهما كارثة،
إذ قطعت عليهما الطريق فجأة، سيارة نقل مسرعة، كادت تصدم سيارتهما،
فنظر كل منهما إلى الآخر،
وقالا في صوت واحد: الحفيظ هو الله سبحانه وتعالى.





