من المعروف عن القرد أنه يحب أن يقلد كل شيء يراه، ولو كان في ذلك ضرر له، ويجره هذا إلى التدخل فيما لا يعنيه أحيانا، فيلقى ما لا يرضيه. كما حصل في القصة الآتية:
يحكى أن نجارا أراد أن يشق خشبة طويلة وثخينة شقا طوليا ليقسمها إلى قطعتين متساويتين، ولم تكن المناشير الكهربائية موجودة في ذلك الوقت، بل كانوا يستعملون المناشير اليدوية فقط، لذلك ركز النجار الخشبة على مسند عال لكي تصبح مائلة فيسهل عليه إدخال المنشار فيها ونشرها، وباشر بنشرها ليشقها طولا.
وكان عملا شاقا متعبا، وكان بقربه قرد يراقبه كيف يصنع، وعندما وصل النجار بالشق إلى منتصف الخشبة تعب، فأراد أن يستريح قليلا، فوضع وتدا من الخشب بين قطعتي الخشبة المنشورة لكي تبقيا متباعدتين فيسهل عليه استئناف العمل عند عودته إليه، وذهب لقضاء بعض حاجته.
عواقب تقليد القرد وتدخله في عمل النجار
فاستغل القرد غيابه، وأراد أن يقلده في عمله، فقفز إلى الخشبة فركب عليها، ووجهه إلى الوتد وظهره إلى القسم المشقوق من الخشبة، فتدلى ذنبه في الشق بين قطعتي الخشبة، وصار يحاول نزع الوتد من مكانه لكي يعيد نشر الخشبة كما كان يفعل النجار. وأخيرا استطاع أن ينزع الوتد من مكانه، فأطبقت قطعتا الخشبة على بعضهما وبينهما ذنب القرد، فتألم كثيرا وصار يصيح من شدة الألم، وينط ليخلص نفسه من الخشبة قبل أن يأتي النجار، ولكن ذنبه المحبوس بين قطعتي الخشبة كان يمنعه من الخلاص ويعيده مرة ثانية إلى الخشبة.
وفي هذه اللحظة عاد النجار ورأى ما أفسده القرد من عمله الشاق، فأخذ خشبة من الأرض ونزل بها على ظهر القرد ضربا، والقرد يصيح ويستغيث وينط ليهرب من النجار، ولكن ذنبه المحبوس لا يدع له مجالا لكل ذلك، حتى أصابه من النجار أكثر مما أصابه من الخشبة من الألم والعذاب.
العبرة من القصة
هذا جزاء من يتدخل فيما لا يعنيه، وهناك كثير من البشر يتدخلون فيما لا يعنيهم، كالقرود، فيصيبهم ما لا يرضيهم، فإياك يا بني أن تتدخل فيما لا يعنيك، فيصيبك ما لا يرضيك.