أسعد لحظات الحياة بالنسبة للأم عندما يبدأ صغيرها في نطق أول الكلمات فينادي على أحدهما أو على أحد أشقائه أو يطلب شراباً أو طعاماً. ولكن قد تصدم الأم والأهل عندما يجدان أن نطق الطفل مضطرب وغير سليم فيتهته أو يتلعثم.. وتكون الصدمة أشد إذا علمنا أن السبب في إصابة الطفل بأحد أمراض التخاطب يرجع في معظم الأحوال إليهما. فما الواجب علي الأم والأهل لمساعدة الطفل علي النطق السليم؟
فالأبحاث تؤكد على مسؤولية الأهل والأم بصفة خاصة في تطوير وبناء لغة سليمة لدى الطفل مثل دورهما في تنمية علاقة طبيعية وسليمة خلال مراحل نشأته الأولى.
وأمراض التخاطب تعني كل ما يصيب وظيفة التخاطب اللفظي من تدهور سواء في اللغة أو النطق أو الصوت، وتلك هي المستويات الثلاثة لعملية التخاطب حتى تتم بسلام. فإذا أصابت أي مرحلة من هذه المراحل عللاً معينة دخلت في نطاق امراض التخاطب واستشارة أخصائيين علاج امراض التخاطب.
أسباب تأخر نمو اللغة عند الأطفال
يرجع تأخر نمو اللغة عند الأطفال إلى عدة أسباب منها:
عدم تفرغ الأم كما يجب لصغيرها حتى تعطيه حصيلة لغوية. فقد ثبت أن الطفل الرضيع يحتاج الى المناغاة وتكرار الكلمات أمامه. حيث أنه يتعلم الكلام في الأشهر الأولى من عمره بل أنه يتعلم كيف يتحكم في لسانه وشفتيه وحبال صوته في هذه المرحلة من عمره.
إصابة الطفل بالتخلف العقلي أو نقص في القوى العقلية بمختلف درجاتها. فالطفل الأبله أو البليد التفكير أو البطيء الفهم يتأخر في النطق. ويرجع ذلك إلى أسباب وراثية أو إلى بعض الإصابات التي ترافق الولادة مثل الأوكسجين الذي يؤدي الى خلل في الدماغ مما يؤثر على مسيرة السمع. وبالتالي الكلام أو استخدام الجفت في الولادة بطريقة خاطئة أو وقوع الطفل على رأسه عدة مرات وهو رضيع.
وكذلك ضعف حاسة السمع أو الصمم، فالطفل ثقيل السمع أو الأصم لا يتكلم لأنه لا يسمع. فالحاسة الدقيقة التي يتوقف عليها قوة ملاحظته وتقليده الأصوات تكاد تكون معدومة تماماً.
ويصاب الطفل بضعف السمع أو الصمم نتيجة لتعاطي الأم خطأ بعض الأدوية أثناء الحمل أو تعرضها لصدمات أو اشعاعات أو قد يولد الطفل طبيعياً ثم يصاب بالحمى أو السخونة التي تؤثر على العصب السمعي مما يؤدي الى اصابته بالصم أو ضعف السمع.
وهنا ننصح الأمهات بملاحظة سلامة سمع الطفل. فإذا ثبت أنه لا يسمع أو حتى ضعيف السمع، فمن واجب الأم مساعدة الطفل والمسارعة بعرضه على الأخصائي للكشف عليه وعلاجه، فقد يحتاج الطفل الى استخدام سماعة تقوي من سمعه وبالتالي يتمكن من النطق السليم.
إصابة الطفل ببعض الاضطرابات النفسية أو العاطفية مثل غياب أحد أفراد الأسرة أو الشجار المتواصل بين الوالدين أو ولادة أخ جديد يستحوذ على انتباه الأسرة للصغير وإهماله أو أي عامل آخر يحرك مشاعر الطفل مما يؤثر على مسيرة النطق لديه.
وفي جميع الحالات السابقة ينصح بالتعرف على المشكلة ومعرفة أسبابها حتى يتم الإسراع بالعلاج.
أسباب عيوب النطق وأشكاله
تتخذ عيوب النطق أو الاضطراب في الكلام عند الأطفال بعض الأشكال مثل: التلعثم أو التهتهة أو اللثغ. وتلعثم الطفل يعني عدم قدرته على التكلم بسهولة، فيتهته أو يجد صعوبة في التعبير. فتجد الطفل يكـرر الكلام حتى يجمع أفكاره أو تعجز كلماته عن خروجهــا فلا ينطق. ويرجع أخصائيون علاج امراض التخاطب أسباب إصابة الطفل بالتلعثم الى عدة عوامل أهمها:
ضعف صحة الطفل أو إصابته بتضخم اللوزتين أو تسوس في أسنانه أو اضطراب تنفسه. وقد يكون السبب نفسي مثل شعور الطفل بالخوف أو الخجل، عند مواجهة أحد المواقف أو غرباء. فتعجز كلمات الطفل قبل خروجها ولا يستطيع النطق حتى تزول أسباب خوفه أو خجله.
وقد يصاب الطفل بالتلعثم نتيجة لذكائه الحاد. ومحاولته تقليد الكبار بالإضافة إلى أن هناك مرحلة من مراحل نمو اللغة عند الطفل يمر فيهـا بالتلعثم. وعلاج هذا التلعثم يتوقف على سلوك المحيطين بالطفل. وذلك بعدم لفت نظره وتركه يكمل حديثه حتى النهاية بحيث لا يعلق تفكيره. كذلك عدم إحراجه أو تقليده أو نهره بشدة أو مقارنته بأشقائه أو زملائه. حتى لا تحدث له حالة احباط وانطواء مما يزيد حالة التلعثم بشدة. كما يجب زرع الثقة في نفس الطفل، وتشجيعه بالحب والحنان للتغلب على كل أنواع الخوف. أما إذا ازدادت الحالة شدة واستمر الطفل في التلعثم رغم المعاملة الطيبة فيجب عرضه على اخصائي للعلاج.
أما اللثغ فيعني أن يخرج الطفل حروف الكلمات غير سليمة. بمعنى استبدال حرف بحرف آخر مثل حرف السين بالتاء أو الـراء بالغين أو الياء أو الجيم بالدال.
حيث يري اخصائيون امراض التخاطب؛ أن من أهم أسباب إصابة الطفل باللثغ هو النطق الخاطئ أمامه من المحيطين به. بالإضافة إلي تكرار الكلام والحروف الخاطئة بهدف تدليله. والطفل العادي إذا وجد في جو طبيعي وكان نطق أهله سليماً قد يلثغ لمدة عابرة. أما إذا كان أحد أفراد عائلته أو بعضهم يلثغ فمن الطبيعي أن يلثغ الطفل.
وفي النهاية أهم نصيحة للوالدين هي أهمية النطق السليم أمام الطفل بحيث تكون مخارج الألفاظ سليمة وواضحة. فمما لا شك فيه أن الأب والأم المعول الأول على تطوير وبناء لغة سليمة للطفل.